على الرغم من القلق الذي حمله بيان وزارة الخارجية الأميركية تجاه الاشتباكات الحاصلة جنوب مدينة جرابلس، لا يبدو أن أنقرة تتجه نحو التمهّل في عمليّتها العسكرية عقب السيطرة على المدينة والريف المحيط بها، بل على العكس، تشي التطورات الميدانية الأخيرة بأن القوات التركية ستتقدم بتسارع نحو مدينة منبج، بعدما فرضت سيطرتها على جميع القرى المتاخمة لنهر الساجور (من الجهة الشمالية)، إضافة إلى تقدمها شرق بلدة الراعي بموازاة الحدود، في محاولة لوصل محوري الهجوم وعزل الحدود التركية في المنطقة بين جرابلس شرقاً وأعزاز غرباً.التقدم الأخير للقوات التركية ولأدواتها جنوب جرابلس يجعل من مهمة السيطرة على منبج ضمن المدى المنظور، إذ لا تزيد المسافة الفاصلة بين الأخيرة ونهر الساجور على 10 كيلومترات، مع غياب للبلدات الكبيرة التي قد تشكل مواقع دفاعية استراتيجية بينهما، بالتوازي مع إعلان «المجلس العسكري في جرابلس» المنضوي تحت لواء «قوات سوريا الديموقراطية»، انسحاب قواته «إلى خط يقع إلى الجنوب من نهر الساجور، وذلك للحفاظ على أرواح المدنيين، ولكي لا تبقى أية ذرائع للقصف المستمر للقرى والمدنيين».
أعلن المجلس العسكري في جرابلس انسحاب قواته إلى جنوب الساجور

الأتراك الذين أعلنوا عند بدء العملية أن هدفهم إنهاء وجود تنظيمي «داعش» و«وحدات حماية الشعب» (الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديموقراطي)، سيمضون نحو إعادة القوات الكردية إلى وضعيتها أواخر العام الماضي، قبل سيطرتها على سد تشرين وعبورها الفرات نحو ريف حلب الشمالي. هذا ما بدا واضحاً في تصريحات لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الذي أعلن أن هدف عملية «درع الفرات» يهدف إلى «إعادة السكان الأصليين الذين أُجبروا على الرحيل» إلى «منطقة جيب منبج التي تقطنها غالبية من العرب»، مضيفاً أن «معظم أفراد الفصائل التي تدعمها تركيا هم من أبناء تلك المنطقة». وفي ظل «تحفظ» واشنطن عن الاشتباكات وإعلانها عدم التدخل في دعم أي طرف من أطرافها، قد تكون «قسد» في الساعات المقبلة في مواجهة غير متكافئة مع قوات مدعومة بالمدفعية والمقاتلات التركية، بعدما كثّفت القوات الجوية التركية من استهدافاتها، في ظل انكفاء الغطاء الجوي لـ«التحالف»، ومطالبتها لـ«الوحدات» الكردية بالانسحاب إلى شرق نهر الفرات.
وكان مركز التنسيق في رئاسة الوزراء التركية قد أعلن في بيان «استمرار عملية درع الفرات التي تنفذها قوات الجيش السوري الحر»، مضيفاً أن تلك القوات «حرّرت 10 قرى في محيط جرابلس هي: عمارنة، وعين البيضاء، ودابس، وبالبان، وصريصات، وبئر الكوسا، وقرة مغارة، والظاهرية، وخربة، وقراطة، إضافة إلى 3 قرى في محيط بلدة جوبان بي هي: العياشة، وشيخ يعقوب، وكرسنلي». كذلك، أوضح الجيش التركي أن «العمليات تتحول الآن إلى المنطقة الغربية من شمال سوريا». وقال مصدر عسكري تركي أمس، إن قوات بلاده «نفذت 61 ضربة في شمال سوريا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية».
في المقابل، نقلت وكالة «رويترز» عن رئيس المكتب الإعلامي لـ«منطقة الإدارة الكردية» (روج آفا)، أنه يجري تعزيز المجالس العسكرية المحلية لمدينتي منبج وجرابلس «لكن ليس وحدات حماية الشعب، لأنها في شرق الفرات وليست في منبج ولا في جرابلس». ومن جانبه، أكدّ مصدر سوري معارض، للوكالة، أن «مقاتلين تدعمهم تركيا يسعون إلى انتزاع البلدة من القوات المتحالفة مع الأكراد». وبالتوازي أعلنت مجموعة من الفصائل في بيان، وقوفها إلى جانب «مجلس جرابلس العسكري» في مواجهة القوات المدعومة من أنقرة، وذكر البيان أسماء الفصائل الموقعة، وهي: «جيش الثوار، اللواء 99 مشاة، لواء السلاجقة، قوات جبهة الأكراد، لواء مغاوير حمص، لواء الشمال الديموقراطي، لواء الحمزة، قوات العشائر بريف حلب، لواء المهام الخاصة وكتائب ثوار ارفاد». وكان مصدر من «الوحدات» الكردية قد أعلن أن الجيش التركي استهدف أمس مركزاً لـ«الوحدات» قرب قرية تحلكي بين مدينتي عامودا والقامشلي على الحدود السورية ــ التركية، موضحاً أن الاستهداف أدى إلى إصابة أحد مقاتلي «الوحدات».
(الأخبار)