حقّق الجيش السوري وحلفاؤه تقدماً إضافياً، أمس، لتحصين الطوق الذي فرضوه على مدينة حلب، فتمكنوا من السيطرة على كامل منطقة الراموسة، جنوبي المدينة. وبينما كان المسلحون يعيدون حساباتهم الميدانية، وسط إرباك واضح، تلقّوا ضربة موجعة، أُعلِن عنها مساء، إثر مقتل عددٍ من قادتهم، في غارة قال المسلحون إنّ «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، نفذها. ورغم غياب المنطق الذي يفسّر سبب تنفيذ الأميركيين غارة ضد رأس حربتهم في مواجهة الجيش السوري وحلفائه في حلب، فإن أي رواية لم تصدر لتناقض رواية المسلحين أو لتؤكدها. وسيطرت وحدات الجيش السوري وحلفاؤه على كامل منطقة الراموسة، وهي المنطقة التي فتح منها مسلحو ائتلاف «جيش الفتح» ثغرةً باتجاه أحياء حلب الشرقية، الشهر الماضي. وجاء ذلك رغم إدخال قيادة المسلحين عدداً كبيراً من مقاتليها الأجانب (تركستان، شيشان وأوزبك...) إلى أرض المعركة.
وليست السيطرة على الراموسة، بحسب مصادر ميدانية، إلا توسعة للطوق حول الأحياء الشرقية، وهو العمل الذي سيستمر في الأيام المقبلة. وتؤكّد المصادر أن «المرحلة المقبلة من العمليات العسكرية ستكون في مناطق خسرها الجيش مع بداية هجمات المسلحين»، في إشارةٍ إلى أن وجهة القوات التالية ستكون باتجاه ما تبقى من «مشروع 1070»، ومدرسة الحكمة، والبريج، ورحبة المستودعات، ومعراتة.
يتجه الجيش لاستعادة «مشروع 1070» ومدرسة الحكمة

وتلفت المصادر إلى أن الطوق «بات مسألة وراء ظهرنا، والمسعى الأساسي هو بتوسيع رقعة السيطرة، والتقدّم قدر المستطاع في ريف حلب الجنوبي، والتثبيت هناك». ووفق المعلومات المتقاطعة، فإن الجيش والحلفاء يأملون تحقيق المزيد من الإنجازات في جنوب «عاصمة الشمال»، والعمل على الوصول إلى مرحلة ما قبل «الهدنة» في شباط الماضي، أي الوصول إلى ما بعد خان طومان، لفرضها كخطوط اشتباك ثابتة مع المسلحين، يصعب اختراقها.
وفي مقابل المسعى الحثيث لدمشق والحلفاء بدفع المفاوضات السياسية على وقع تطورات الميدان، فإن «الفتح» بمختلف مكوناته، وعلى رأسه القاضي العام، السعودي عبدالله المحيسني، بات محرجاً أمام «مجاهديه»، وخصوصاً بعدما رفع سقف المعركة بالقول إن «الهدف التالي سيكون قلعة حلب». وجدير بالذكر أنّ مصادر المسلحين كانت تشير مساء أمس إلى أنّ الثغَر التي بإمكان «الفتح» الاستفادة منها للوصول إلى الأحياء الشرقية باتت «محكمة الدفاع»، أولاً؛ ومحاور التقدّم والهجوم مكلفة، ثانياً؛ والتململ الذي «أصاب المجاهدين بدأ ينخر في إرادة القتال»، ثالثاً. واستناداً إلى ذلك، يشير المصدر إلى أنّ هذا المشهد يقود إلى استنتاجين:
الأوّل، والمستند إلى «الواقع الميداني المستجد»، يفيد بأن «فكّ الحصار عن الأحياء الشرقية أصبح أمراً صعباً، بعد تقدّم قوات النظام... هو كان مكلفاً قبل فك الحصار، فكيف بعد تعزيز دفاعاتهم الجديدة؟»، (نشرت «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة)، أمس، إنفوغراف عن العمليات الانتحارية التي نفذتها في الأشهر الثلاثة الماضية، وكانت حصة الجبهات الحلبية منها 13 عملية، علماً بأن الجيش السوري وحلفاءه أحصوا مقتل 1300 مسلّح منذ بدء «غزوة إبراهيم اليوسف» في نهاية تموز الماضي). وعن الاستنتاج الثاني، يلفت المصدر إلى أن الخيارات المتاحة أمام «الفتح» أمست «معقّدة»، وخصوصاً أن إحداث أيّ خرقٍ من الجبهة الشمالية، وتحديداً من حندرات، ليس إلا «رهاناً خاسراً»، ويستشهد هنا بمقولة الناطق العسكري باسم «أحرار الشام»، أبو يوسف المهاجر: «معركة الملاح انتحار عسكري»، وهو أمرٌ أقرّته «فتح الشام»، في إصدارها الجديد «الملحمة الكبرى»، بالقول إن «موازين القوى في الملاح غير متكافئة تماماً».
كما يؤكّد المصدر أن أي خرقٍ من طريق «الكاستيلو» سيكون صعباً على «مجاهدي الفتح»، وهو ما يحسمه مصدر في الجيش السوري، قائلاً إنّ «الكاستيلو عصيٌّ على الخرق».
وفيما كان «الإرباك» يخيّم على معسكرات «الفتح»، استهدفت غارة جويّة لم يتبنّها أحد، اجتماعاً قيادياً لـ«جيش الفتح» و«فتح الشام»، أسفرت عن مقتل مؤسس وأمير «جيش الفتح»، والقائد العسكري العام في «جبهة النصرة»، «أبو هاجر الحمصي» والمعروف بـ«أبو عمر سراقب». وفيما أعلن المسلحون مقتل القائد العسكري لـ«كتائب فتح الشام»، أبو مسلم الشامي، عادوا وأعلنوا نجاته وأنه يخضع للعلاج من جروح أصيب بها. ووقعت الغارة في بلدة كفرناها في ريف حلب الغربي.
وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن الاجتماع ضمّ عدداً آخر من قادة الفصائل، وكان المجتمعون «يضعون اللمسات الأخيرة لمحاولة فكّ الحصار مجدّداً عن حلب». وأشارت المصادر إلى أن «طائرة من دون طيّار استهدفت مقرّ الاجتماع». وسبق للأميركيين أن استهدفوا بغارات قادة تنظيم "خراسان" الذي يضم شخصيات مرتبطة بالقيادة المركزية لتنظيم "القاعدة" مباشرة.