حجزت قضية تخلّف التحالف السعودي عن دفع الرواتب لغالبية الجنود المنضوين في القوات الموالية للرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه منصور هادي، مساحةً واسعة من الحرب على اليمن. وأثار هذا الواقع، على مراحل مختلفة من عمر الحرب، غضباً عارماً في أوساط تلك القوات وهدد تماسكها وفعاليتها، ما تُرجم في أحيانٍ كثيرة انكفاءً عن الميدان واحتجاجات ضد قيادة القوات الموالية لهادي و«التحالف».صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أثارت هذا الموضوع من جديد في تقريرٍ بعنوان «ليس الرصاص ما يُخرج القوات اليمنية من الميدان، بل الراتب»، متناولةً الخلافات بين المقاتلين في صفوف القوات الموالية لهادي من جهة، وقيادة هذه القوات و«التحالف» من جهة أخرى، بسبب تخلف السعودية عن دفع رواتب هؤلاء المقاتلين، ما قدّم في أحيان كثيرة، وفق التقرير، خدمة للطرف الآخر، أي قوات الجيش و«اللجان الشعبية».
ونقلت الصحيفة عن الضابط في صفوف القوات الموالية لهادي مرتضى اليوسفي، أن مئات من الجنود غادروا الميدان بسبب عدم تقاضي الأموال. وحاول اليوسفي أن يحتوي الغضب المتنامي لدى هؤلاء المقاتلين، عبر اتفاق يعطي الجنود المتزوجين إجازة «لزيارة عائلاتهم وإطعام أطفالهم». ووفق قوله، فإنه توجه قبل ذلك إلى الجنود بالقول إن غضبهم هذا «قد يؤثر سلباً في صورتنا». وقد وافق الجنود بسرعة على الاتفاق وتناوبوا في مجموعات صغيرة على التخلي عن مناصبهم بحثاً عن وظيفة مؤقتة في مكان آخر.
يقول التقرير، الذي نُشر أول من أمس، إن السعوديين يموّلون حملتهم على الحوثيين جيداً، لكنهم بطيئون جداً في الدفع، مضيفاً أن تسوية اليوسفي عكست اليأس اليمني من تخفيف الأزمة «التي يقول مسؤولون إنها تخفض من معنويات القوات وفعاليتهم وتُطيل أمد الحرب». ويقول الأخير إن هناك استياءً متنامياً بين الجنود الذين لا يمتلكون قدرة التأثير في الحكومة أو «التحالف» للدفع لهم.
الإمارات تدفع في مناطق سيطرتها أضعاف ما تدفعه السعودية

ويوضح التقرير نفسه أن الذين يشكلون غالبية القوات الموالية لحكومة هادي هم شبّان في أواخر العقد الثاني من العمر، وبينهم من ترك المدرسة للانضمام إلى «التحالف» حينما اندلعت الحرب. وكانت غالبيتهم تعمل على مراكب صيد في المزارع ومواقع البناء لإعالة عائلاتهم، وفق مسؤولين.
وكان «التحالف» قد وعد كل موظف بـ 270$ في الشهر، وهو الراتب الذي كان يتقاضاه قبل الحرب أستاذ جامعي بحوزته درجة في الماجستير. لكن، مقابل ذلك الوعد، وجد أغلب الشبان أنفسهم فقراء في آخر الشهر، بسبب تخلف الرياض عن الدفع.
أيضاً، يشير التقرير إلى أنه على النقيض التام من هذا الواقع، يتقاضى معظم المقاتلين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون بين 200$ و300$ في نهاية الشهر مع القليل من التأخير، وفق مقاتلين حوثيين.
المتحدث باسم «التحالف»، أحمد عسيري، رفض الإجابة للصحيفة الأميركية بشأن شكوى القوات اليمنية، مؤكداً أن «التحالف» أعطى التمويل المطلوب للحكومة اليمنية. وأضاف عسيري أن «توزيع الأعمال ليس شأننا»، فيما لم يوافق الكثير من المسؤولين اليمنيين على هذا القول، وفق التقرير، مؤكدين أن لديهم مشكلة في الحصول على الأموال من الأساس.
وفيما تذكّر الصحيفة الأميركية بأن السعودية لا تزال تعاني الانخفاض في أسعار النفط، يتجاهل اليمنيون هذا العامل مفسرين تأخر الدفع بأنه «استغلال».
ومن أهم ما ورد في التقرير، يبقى في الشق المتعلق بواقع القوات الموالية لـ«التحالف» في المناطق التي يسيطر عليها الإماراتيون. ففي الجنوب، حيث تتولى قوات إماراتية الشؤون العسكرية والإدارية، «لم يكن هناك مشكلات»، وفق ناصر العزيري، وهو مساعد رئيس هيئة الأركان في الجيش الموالي لهادي محمد المقدشي.
ويبدو أن الدفع للجنود في تلك المناطق، ليس منتظماً فحسب، بل يصل أحياناً إلى أن يكون أكثر بمرتين وبثلاث مما تدفعه السعودية. كذلك يمنح الإماراتيون الجنود اليمنيين إجازات سنوية، المكسب الذي يشير إلى توقع إماراتي باستمرار الحرب لبعض الوقت.
ويتابع العزيري: «الكثير من هؤلاء الجنود يتزوجون ويبنون بيوتاً، وقد تحسنت حياتهم منذ أن انضموا إلى الجيش، ولا سيما منذ أن هدأت الأوضاع في تلك المناطق... هم قادرون على الاستمتاع بالراتب الذي لم يكونوا ليتقاضونه في مكان آخر، وهؤلاء الشبان الآتون من عائلات ليست غنية، لم يكونوا لينجزوا أيّاً من تلك الأشياء من دون الجيش».
(الأخبار)