لا يظهر التلويح الأميركي بتقويض التعاون العسكري مع روسيا ضد «جبهة النصرة» كعامل ضغط حقيقي تجاه موسكو في «مفاوضات» ما بعد سريان اتفاق «الهدنة»، مقابل المطالبات الروسية بنشر بنود الاتفاق واقتراح تعزيزه بقرار من مجلس الأمن الدولي، الذي كان مقرراً أن يعقد اجتماعاً طارئاً مساء أمس، إضافة إلى فرق التزام وقف إطلاق النار بين حلفاء العاصمتين في الميدان، الذي يصبّ في مصلحة موسكو بفارق كبير. وبعد تسلّم الأخيرة قائمة بالفصائل «المعتدلة» التي تدعمها واشنطن، ومناطق عملها، يُتوقّع أن تلقي بثقلها التفاوضي للضغط على واشنطن، بشأن فصل جماعاتها عن «النصرة»، مستغلّة تداخل مناطق عمل الأخيرة مع معظم الجماعات، والتحالف الميداني لتلك الفصائل مع «النصرة»، الذي لن تستطيع واشنطن إحداث خرق حقيقي فيه.
قنوات اتصال عسكرية روسية ــ تركية تشمل «درع الفرات»
وضمن هذا السياق، أفاد ممثل وزارة الدفاع الروسية الكسندر زورين، وكالة «انترفاكس» الروسية، بأن «الوثائق التي تسلمها الجانب الروسي من البنتاغون، تشير إلى عدم وجود فصل بينها وبين جبهة النصرة»، مضيفاً أن واشنطن «لم تتفاعل مع معطيات قدمتها موسكو بشأن انتهاكات نظام الهدنة من الجانب المعارض». كذلك، لفت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال اتصال مع نظيره الأميركي جون كيري، إلى أن القائمة التي سلمها الجانب الأميركي حول الفصائل «المعتدلة» التي يدعمها وأعلنت التزامها اتفاق «الهدنة»، تضم منظمات «تتعاون بوضوح» مع «جبهة النصرة». ودعا واشنطن إلى الإسراع بفصل الجماعات «المعتدلة» عن «النصرة»، مشيراً إلى ضرورة نشر نصوص الاتفاق الروسي ــ الأميركي. ومن جانبه طالب كيري بضرورة إدخال قوافل المساعدات إلى أحياء حلب الشرقية عبر الكاستيلو، مؤكداً أنه سيتابع حل الإشكالات المتعلقة بـ«تنسيق تلك القوافل وفقاً لقوانين الأمم المتحدة». وبالتوازي مع إعلان القوات الروسية استعدادها لتمديد «الهدنة» لـ 72 ساعة إضافية، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، إن القوات الحكومية على استعداد «لإخلاء طريق الكاستيلو بالتزامن مع قوات المعارضة»، مؤكداً أن تلك القوات هي «الطرف الوحيد الملتزم اتفاق وقف إطلاق النار». وشدد على أن المسؤولين الأميركيين يتستّرون على «انتهاكات المعارضة، ويتصرّفون كأنهم غير معنيين بما يحدث حول طريق الكاستيلو»، برغم أن «ثلاث طائرات أميركية بلا طيار تحلق على مدار الساعة» أجواء مدينة حلب. وبينما أعلنت أنقرة بدء المرحلة الثالثة من عملية «درع الفرات» التي ستستهدف مدينة الباب في ريف حلب الشمالي، توصلت موسكو وأنقرة إلى اتفاق يقضي بفتح قنوات اتصال عسكرية بين رئيسي هيئتي الأركان العامة وبين قادة القوات الجوية وقادة الاستخبارات العسكرية في البلدين. كذلك سيتيح الاتفاق الذي جرى التوصل إليه عقب زيارة رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف، لنظيره التركي خلوصي أكار، فتح تلك القنوات أيضاً مع قادة الوحدات العسكرية التركية التي تشارك في عملية «درع الفرات» شمالي سوريا. وبالتوازي مع بحث وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، تطورات الوضع السوري مع نظيره الأميركي في اتصال هاتفي، أعلن المتحدث باسم البنتاغون، أدريان رانكين-غالواي، نشر قوات أميركية «استجابة لطلب تركي» لدعم القوات التركية وفصائل المعارضة السورية «المعتدلة» في عملياتها ضد تنظيم «داعش».
إلى ذلك، أوضح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن بنود اتفاق موسكو وواشنطن لا تشمل مصير الرئيس السوري بشار الأسد أو العملية الانتقالية في البلاد، لأنها «مسألة سورية بحتة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)