لا تعكس الأجواء السائدة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بين واشنطن وموسكو، أي بوادر توافق على النقاط الأساسية في اتفاق «الهدنة»، من شأنه أن يؤسس لاستئناف المحادثات السورية ــ السورية التي أعلن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أنّه بصدد تسليم «مسوَّدة اقتراحات» تشكّل نقطة لانطلاق هذه المحادثات. وعلى الرغم من الاحتمال القائم لعودة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، الذي سعت جميع الأطراف إلى عدم «نعيه»، لا يبدو أن خلاف الأولويات سيسمح بتقدم ملموس في تطبيق «الهدنة» على الأرض. الطرف الأميركي ما زال يماطل موسكو بشأن التعاون العسكري ضد «الإرهاب» من قبل «هدنة» شباط الماضي، لكونه يعرف أن فصل «المعتدلين عن الإرهابيين» سيطيح الفصائل المعارضة في حال عدم إقرار أفق سياسي يتيح لها دوراً مستقبلياً. بينما ترى موسكو أن توحيد محاربة الإرهاب من شأنه إبعاد الخطر عن بنية الدولة السورية والتأسيس لمحادثات سياسية تعطي الحجم الفعلي للقوى المعارضة على الساحة، التي ستضعف في حال عزلها عن المنظمات الإرهابية التي تشكل القوة الفعلية على الأرض.
أعربت موسكو عن أملها بعدم المطالبة بهدنة مع تنظيم «جند الأقصى»
ومع اقتراب لقاء «المجموعة الدولية لدعم سوريا» يوم غد الجمعة، سيستمر تراشق الاتهامات بين موسكو وواشنطن في محاولة لشدّ حبال مفاوضات إنعاش «الهدنة». وفي هذا السياق، طالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري بوقف تحليق سلاح الجو التابع للجيش السوري فوق المناطق التي سبق الاتفاق حولها ضمن «الهدنة»، والسماح بعبور المساعدات الإنسانية دون عوائق، لـ«إعادة الصدقية إلى عملية التهدئة». وأشار خلال كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، إلى أن «الطائرات الروسية والسورية فقط» كانت تعمل في المنطقة التي تعرّضت فيها قوافل المساعدات للقصف أول من أمس، في ريف حلب. ورأى أن تقييد حركة الطائرات السورية «سيمنع شنّ هجمات على أهداف مدنية تحت ذريعة الحرب على جبهة النصرة». وسخر من «الرواية الروسية» حول استهداف القافلة، معتبراً أن الحديث مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يومها، يعطي إحساساً بأنه يعيش في «عالم آخر».
ومن جانبه، شدّد لافروف على أن الأولوية الأساسية في التسوية السورية، تبقى عملية «فك الارتباط» بين المعارضة وتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، لضمان فعالية أكبر لنظام وقف إطلاق النار وتسهيل المهمات الإنسانية، مضيفاً أن ذلك يُسهم أيضاً في «قطع محاولات الإرهابيين للتستر بغطاء ما يسمى المعارضين المعتدلين». ودعا إلى ضرورة إعادة النظر في قائمة التنظيمات الإرهابية، مشيراً إلى أن القائمة التي تسلمتها بلاده من الولايات المتحدة ضمّت «أحرار الشام» التي «كنا قد طالبنا بتصنيفها إرهابيةً خلال إعداد مشروع القرار 2254 إلى جانب (جيش الإسلام)، وحينها وعد الجانب الأميركي بتقليص فعالية التنظيمين، مقابل اقتصار قائمة الإرهاب على (النصرة) و(داعش)». وأعرب عن أمله في أن لا يطالب أحد بتطبيق «هدنة» مع تنظيم «جند الأقصى» بعد أن صنفته الخارجية الأميركية إرهابياً. ودعا إلى تحقيق نزيه ومستقلّ في الهجوم الذي وقع على قافلة المساعدات الإنسانية.
وعلى صعيد متصل، قال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في كلمته أمام مجلس الأمن، إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، طلب منه أن يقدم إلى كافة الأطراف المعنية، مسوَّدة اقتراحات تشكل نقطة انطلاق لمحادثات سورية ــ سورية، مشدداً على أن «الصراع السوري لا يمكن أن يحل عسكرياً».
ومجدداً، نفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف، أن تكون قوات بلاده قد استهدفت قافلة المساعدات، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «طائرة من دون طيار من نوع (بريدايتور) تابعة لقوات التحالف أقلعت من قاعدة انجرليك في تركيا، وحلّقت في أجواء القطاع (الذي كانت ضمنه القافلة) عند وقوع القصف».
إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أنها مستعدة لاستئناف قوافل المساعدات الإنسانية في سوريا. وأفاد المكتب الإعلامي للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، بأن «العمل أُعيد بتحضير هذه القوافل الآن، ونحن مستعدون لتقديم المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وتلك التي يصعب الوصول إليها في اقرب وقت ممكن».
(الأخبار)