تعمل موسكو بشكل متواز على الخطين السياسي والعسكري مع الدول الإقليمية المعنية بالشأن السوري، للوصول إلى «تفاهم» جديد، قد يمثّل بديلاً مؤقتاً عن «اتفاق جنيف» الذي أقرته مع واشنطن، ووصل تطبيقه إلى طريق مسدود أغلق بدوره قنوات المحادثات بين البلدين. وأتاح مسار تطور العلاقات الروسية ــ التركية دخول التنسيق العسكري بين البلدين كعامل رئيسي من شأنه ضبط إيقاع ما يجري في الميدان بما يخدم المسار السياسي. وبالتوازي، تعزز موسكو التنسيق مع طهران ودمشق، في الميدان والسياسة، بشكل يتيح لها إحراج واشنطن، التي لا تملك نفوذاً قوياً على الفصائل المسلحة خارج القنوات الإقليمية والتي باتت أنقرة في صفّها الأول.وقد يمثّل التنسيق الثلاثي الروسي ــ التركي ــ الإيراني حاملاً لأي «تهدئة» مرتقبة، تلي مرحلة اشتعال الميدان. وفي هذا الإطار تكثّف موسكو لقاءاتها مع الطرفين الإيراني والتركي، فبعد زيارة أجراها المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، إلى طهران، أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن وزير الخارجية، سيرغي لافروف أكّد خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني، جواد ظريف، عدم وجود بديل عن الحل السياسي، مضيفة أن الجانبين اتفقا على ضرورة بدء مساع دبلوماسية جديدة لحل الأزمة.
وتحافظ موسكو على احتمال عودة المحادثات مع واشنطن، ضمن أطر واضحة، إذ أعلن نائب وزير الدفاع الروسي، أناتولي أنطونوف، أن بلاده لا تزال مستعدة لاستئناف الحوار مع واشنطن «على أساس المساواة والاحترام المتبادل». وأوضح أن بلاده ستواصل بذل الجهود في محاربة الإرهاب في سوريا، بغض النظر عن «الاتهامات الباطلة» الموجهة ضدها، معرباً عن أمله في أن الولايات المتحدة لم تتخل تماما عن الوسائل الدبلوماسية لمصلحة السيناريو العسكري، داعيا العسكريين الأميركيين إلى «التقييم الموضوعي» لجميع إيجابيات وسلبيات قرارهم.
وفي إطار تعزيز موسكو لوجودها العسكري في سوريا، أيّدت لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي، مشروع القانون الخاص بالموافقة على اتفاقية نشر مجموعة القوات الجوية الفضائية الروسية في سوريا إلى «أجل غير مسمى».
وفيما ثمّن مدير فرع الإعلام في الجيش السوري، العميد سمير سليمان، في حديث لوكالة «نوفوستي» الروسية، إنشاء قاعدة عسكرية بحرية روسية دائمة في طرطوس، نقلت صحيفة «إزفيستيا» الروسية أن موسكو تسعى إلى تعزيز قوات الدفاع الجوي السوري، عبر بحث إمكانية تزويد دمشق بشحنة من منظومة «بانتسير». ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع، أن «صفقة كانت قد عقدت منذ عدة سنوات، إلا أنها لم تنفّذ إلا جزئياً لأسباب مالية»، مضيفاً أن روسيا قررت الآن «تزويد دمشق بالكمية الباقية من (بانتسير) من دون المطالبة بالتسديد الفوري».
وعلى صعيد آخر، أكد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، استعداد بلاده للقيام بما يلزم «في حال استمرار الأنشطة الإرهابية شرق نهر الفرات» في سوريا. كما رأى وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن الولايات المتحدة اذا لجأت إلى زيادة الدعم لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» فهي ستصبح «بوضعية بلد داعم للإرهاب». وأفاد خلال حديث على قناة «أ ــ خبر» التركية، أن «تركيا تتحدث دوماً عن السياسات الخاطئة للولايات المتحدة، ولا سيما المتعلقة بتنظيم (ب ي د) الإرهابي»، مضيفاً أنها «تعلّمت، ولا زال ينبغي لها أن تتعلم أن كوننا حلفاء وأصدقاء لا يعني التوافق معهم على جميع المسائل، أو قبول جميع ما يقولونه».