بينما تتجه الأنظار اليوم إلى مدينة حلب التي ستشهد «هدنة» مؤقتة تهدف إلى السماح للمدنيين والمسلحين الراغبين في الخروج من الأحياء الشرقية بمغادرتها، ومع اكتمال الاستعدادات السورية والروسية لتأمين المعابر الثمانية، يبقى الرهان على قبول الفصائل المسلحة في الأحياء الشرقية بخروج المدنيين، بعد تأكيد معظمها رفض خروج مقاتليها أو مقاتلي «جبهة فتح الشام» (النصرة) من المدينة. ومع الحرص الروسي على إتمام جميع ما يلزم لضمان أمن العملية، بما في ذلك توفير بثّ حيّ ومباشر للمعابر عبر موقع وزارة الدفاع الروسية الإلكتروني، قد يشير اتصال الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، وما أوضحه الأخير عن اتصالات أجراها مع المعنيين بعد بحثه مع بوتين آلية خروج عناصر «النصرة» من حلب، إلى احتمال إشراف أنقرة على التنسيق مع فصائل الأحياء الشرقية لإنجاح المبادرة الروسية، وإن بالحدّ الأدنى، عبر إخراج أعداد قليلة من المسلحين والمدنيين والمصابين مقابل ضمان دخول المساعدات، بشكل لا يؤثر بتوازن القوى على جبهات المدينة.
بحث بوتين مع الأسد هاتفياً تطورات الوضع في سوريا
وضمن التحضيرات التي تجريها موسكو ودمشق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أنها ستمدد «الهدنة» لثلاث ساعات إضافية اليوم «استجابة لطلب عدد من المنظمات الدولية»، بعد تصريحات للأمم المتحدة اعتبرت أن «هدنة الثماني ساعات المقررة غير كافية». وبيّن رئيس هيئة الأركان سيرغي رودسكوي أنه ستُفتَح 8 معابر بينها اثنان لخروج المسلحين أحدهما يؤدي إلى الحدود السورية ــ التركية، والثاني نحو ريف إدلب، مشيراً إلى أنه «يمكن استخدام الممرين المذكورين لإخلاء المرضى والجرحى ونقلهم إلى المشافي في الأحياء الغربية».وتسعى موسكو إلى إتمام جميع متطلبات التهدئة، بالتوازي مع المشاورات التي يقودها الجانب الأميركي في جنيف حول «فصل الإرهابيين عن المعتدلين»، بما يشابه ما حمله تطبيق الاتفاق الروسي ــ الأميركي الموقع في جنيف، والذي فشل على وقع اتهامات الطرفين بعدم التزام ما تحمله بنود الاتفاق غير المعلن وقتها، مع فارق يتمثّل بحضور عدد من الدول لاجتماع لوزان الذي أفرز مشاورات جنيف الحالية. إذ نقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسي غربي ما مفاده أن مسؤولين بارِزين أميركيين وروس، قد أجروا محادثات أمس، تهدف إلى الاتفاق على كيفية «فصل المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة عن مقاتلي المعارضة» من أجل تمهيد الطريق لوقف إطلاق النار. وأوضح أن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا مايكل راتني، قد رأس وفد واشنطن، كما انضم مسؤولون من قوى إقليمية مثل السعودية وقطر إلى المحادثات. وضمن هذا السياق، أوضح مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أن ثلاثة من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي أفشلوا بياناً روسياً حول مدينة حلب يشير إلى ضرورة «عزل الإرهابيين عن المعارضة». وعلى صعيد متصل، بحث بوتين مع نظيره السوري بشار الأسد خلال اتصال هاتفي أمس، تطورات الوضع في سوريا، ونقلت وكالة «سانا» أن الرئيس الأسد أعرب عن شكره للجهود التي تبذلها روسيا على الساحة الدولية، رغم الضغوط التي تتعرض لها من بعض الدول لثنيها عن الاستمرار بالتمسك بقواعد القانون الدولي واحترام سيادة الدول. وعلى صعيد آخر، اعتبر الرئيس السوري خلال مقابلة مع قناة «SRF1» السويسرية بثّت ليل أمس، أنه لا يمكن حماية المدنيين في حلب «بينما لا يزالون تحت سيطرة الإرهابيين»، مشيراً إلى أن الدولة السورية تقوم بمهمتها «طبقاً للدستور والقانون» في «الهجوم على المجموعات الإرهابية». وعلى مقلب الجماعات المسلحة، نفى نائب قائد «تجمع فاستقم»، ملهم العكيدي، خلال حديث مع قناة «CNN» الأميركية، أي وجود لمقاتلي «جبهة النصرة» في حلب، مضيفاً أن «هناك من يريد التركيز على مسألة (جبهة فتح الشام)، من أجل أن يخلق مبررات لضرب المستشفيات والمدنيين في حلب».