شهدت محافظة كركوك يوماً أمنياً طويلاً، أمس، كادت أن تسقط فيه المحافظة بيد "داعش"، ما أعاد إلى الأذهان سيناريو عام 2014، حينما سقطت أجزاء واسعة من كركوك بيد التنظيم، قبل أن تتمكن قوات "الأسايش" و"الحشد الشعبي" والشرطة من استعادة غالبية ما سيطر عليه "داعش" بمرور الساعات ومطاردة بقية العناصر.وروت مصادر أمنية ومحلية من داخل كركوك، أن الهجوم بدأ في ساعة مبكرة من صباح أمس، "بعدما دخل مئة داعشي متنكرين بزي الشرطة ومستقلين سيارات تاكسي إلى المدينة، وتمكنوا خلال مدة قصيرة من السيطرة على مقار حكومية وحزبية أبرزها مبنى مديرية الشرطة الجديد والقديم، ومقر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وكذلك من الهجوم على محطتي الدبس المولدة للطاقة الكهربائية وتعطيلهما عن العمل، وقتل عدد من العاملين في المحطة وحراسها ومن بينهم تقنيون إيرانيون".
وأضافت المصادر أن "غالبية المهاجمين أتوا من مناطق الرشاد والرياض والحويجة (جنوب كركوك) التي تخضع لسيطرة داعش منذ 2014، إضافة إلى خلايا نائمة بقيت في المحافظة نفسها بعدما تسلل عدد من عناصر وقادة داعش مع النازحين".
واستطاع "داعش" خلال ساعات السيطرة على ثلاثة فنادق ونشر قناصة فوق مبانيها، ما دفع السلطات المحلية إلى إخلاء الفنادق من النزلاء، كما ركز مسلحو التنظيم الهجوم على ثمانية أحياء مهمة بواسطة انتحاريين وانغماسيين.
وأكد مصدران، محلي وأمني، احتجاز "داعش" عشرات الرهائن داخل حي دوميز (جنوب كركوك)، في وقت وقعت فيه مواجهات واشتباكات عنيفة بين الأهالي الذين أظهرت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حمْلهم السلاح وقتالهم إلى جانب القوات العراقية، بما فيها "الحشد الشعبي"، على حد سواء.
وأبلغ مصدر أمني "الأخبار"، أن "إقليم كردستان العراق رفع حالة التأهب القصوى في مدنه الثلاث الرئيسية: دهوك وأربيل والسليمانية، فيما عمدت قوات الأمن الكردية إلى قطع طريق السليمانية ــ كركوك"، علماً بأن المدينتين تمثلان معقل الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني.
في السياق، رأى الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، أن "داعش بعدما انهار في أطراف الموصل لجأ إلى عملياته الأمنية بوحدات انغماسية لاقتحام المباني الأمنية والخدمية والحزبية، وأخرى مفردة ومتتابعة بسيارات مفخخة وبأحزمة ناسفة بجانب قطع الطرق الخارجية". وتوقع أيضا أن "تعود بقايا داعش المهزومة إلى التكتيك الأمني الجوال وتعيد تشكيلاتها ثم تحاول زعزعة أمن المناطق المستقرة مجدداً معتمدة على تهديد الطوائف والقوميات والضغط على مناطق المهجرين والنازحين بعد خسارتها أرض التمكين في الفلوجة والقيارة".