قدّر تقرير اقتصادي جديد إجمالي الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، خلال سنوات الأزمة، بنحو 4061 مليار ليرة (بالأسعار الثابتة لعام 2000)، أو ما يعادل 81 مليار دولار أميركي. وهي خسارة تعادل 212% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2015.التقرير الذي أعدّه «مركز دمشق للأبحاث والدراسات» ويطلق اليوم الأربعاء، أشار إلى أن حجم الدين الداخلي للبلاد وصل مع نهاية عام 2014 إلى نحو 3400 مليار ليرة، أي ما يعادل 1,8 ضعفاً من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2015، وهذا كان نتيجة ارتفاع عجز الموازنة العامة على نحو كبير، إذ وصل عام 2015 إلى نحو 604 مليارات ليرة، مشكلاً بذلك نسبة وقدرها 39% من الموازنة العامة.
تعرّض قطاع الصناعة والتعدين لخسارة نحو 2000 مليار ليرة

وشهد معدل التضخم هو الآخر ارتفاعاً كبيراً خلال سنوات الأزمة، الأمر الذي ترك تأثيراته السلبية على المستوى المعيشي للسوريين، فقد ارتفع بمعدل 6,7% عام 2011، و81,7% عام 2013، و22,7% عام 2014، و36% في العام الماضي. وبحسب التقرير فإن العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، والسياسات الحكومية المتبعة في رفع جزئي للدعم، وتدهور سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، أدت جميعها دوراً كبيراً في ارتفاع معدلات التضخم.
في الحديث عن واقع تركيبة القطاعات المكونة للناتج المحلي الإجمالي خلال سنوات الأزمة، يؤكد التقرير حدوث متغيرات جوهرية في هذا المجال، من قبيل تراجع الوزن النسبي لكل من قطاعات الزراعة، والصناعة والتعدين، والبناء والتشييد، لمصلحة قطاعات الخدمات الحكومية، والنقل والتخزين.
ونتيجة لتمركز معظم العمليات العسكرية في الأرياف، وما قاد إليه ذلك من أضرار كبيرة على البنية التحتية للقطاع الزراعي، فإن إنتاجية هذا القطاع تراجعت على نحو كبير، حيث قدر الخبراء الذين عملوا على إعداد التقرير خسائر القطاع الزراعي بنحو 400 مليار ليرة، وهو ما يعادل 9,8% من الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي. أما قطاع الصناعة والتعدين، فقد تعرض لأكبر الخسائر، إذ وصلت خسارته إلى نحو 2000 مليار ليرة، وهذا رقم يعادل أربعة أضعاف الناتج المحلي للقطاع عام 2010.
ولم تكن قطاعات التجارة والمفرق، النقل والمواصلات، والبناء والتشييد بمنأى عن تأثيرات الكارثة الاقتصادية، إذ تكشف التقديرات أن خسائر تلك القطاعات كانت في نهاية العام الماضي تسجل على التوالي نحو 759 مليار ليرة، 402 مليار ليرة، 187 مليار ليرة.
يختم المركز، الذي عرف عن نفسه بأنه مؤسسة بحثية مستقلة، بالإشارة إلى أن «استمرار الحرب سيرسم صورة قاتمة عن مستقبل البلاد، نتيجة للتراجع الدراماتيكي والتشوه الهيكلي في بنية الاقتصاد الوطني من جهة، وعلى الكلفة الاقتصادية والبشرية التي يدفعها البلاد نتيجة هذا الوضع المأساوي من جهة أخرى»، مضيفاً أنه على الرغم من ذلك، فإن «الاقتصاد السوري بدأ يحقق بعض النمو في بعض القطاعات الاقتصادية نتيجة لتكيف الاقتصاد مع الأزمة من جهة، ولتحسن الأوضاع الأمنية في بعض المناطق من جهة أخرى، التي سمحت للقطاع الخاص بالعودة إلى العمل والإنتاج وإن كان بنسب محددة».