برغم أن آثار حملة المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي لا تزال محدودة، فإن إسرائيل تتعامل معها على أن خطرها قد يصبح جدياً، بل يمكن أن يترتب عليها آثار خطيرة على الاقتصاد الإسرائيلي إذا تفاقمت وحققت نجاحات في حملاتها، وقد تصل في أسوأ السيناريوات إلى إلغاء المعاهدات الاقتصادية بين تل أبيب والاتحاد الأوروبي.
تناول موقع «كالكاليست» الاقتصادي أبرز النقاط التي جاءت في تقرير سري أعدته وزارة المالية الإسرائيلية، بعدما ألزمتها محكمة إسرائيلية نشره في أعقاب التماس تقدمت به حركة «حرية المعلومات». ووفق الموقع، يتوقع التقرير الذي أعده قسم «العلاقات الدولية الرئيسي» تحت عنوان «اقتصاد إسرائيل في ظل حملات نزع الشرعية»، فرض عقوبات من الدول الأوروبية ومقاطعة اقتصادية وفق سيناريو متطرف.
ويتناول التقرير في هذا السياق تراجع الصادرات الإسرائيلية وتراجع الاستثمارات الأجنبية، بما يؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات واضطرار تل أبيب إلى فحص إمكانية تثبيت سعر صرف الشيكل، واستخدام الاحتياطي من العملات الأجنبية في بنك إسرائيل. كما تناول التقرير تطورات السنوات الأخيرة التي طرأت على الاقتصاد الإسرائيلي على خلفية نتيجة لنشاطات حركة «BDS» التي تدفع باتجاه مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها، فيقدم عدة سيناريوات محتملة إزاء تفاقم الوضع.
ويرى التقرير أن أوروبا هي أرض خصبة لنشاطات حركة المقاطعة، والسبب يعود إلى أن «BDS» ترفع شعار مبادئ حقوق الإنسان، وبذلك «تبيض حملتها النابعة من كراهية إسرائيل، وفي الوقت نفسه يمنح أسلوب تمويل هذه المنظمات القوة، ومنصة لآذان صاغية».
كذلك يزعم التقرير أن الجهات الكارهة لإسرائيل تسعى إلى عزلها في الساحة الدولية، وفي النهاية تحويلها إلى دولة منبوذة من طريق شيطنتها ودفع حملة مقاطعتها، وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات اقتصادية وانطلاق كفاح قانوني ضد إسرائيل ومن يعيش فيها.
في هذا الإطار، يؤكد اقتصاديو «العلاقات الدولية» في «المالية» أن ثمة آثاراً إضافية لسيناريو متطرف لحملات المقاطعة، هو انخفاض حاد في قيمة الشيكل، وتضرر سوق المال، وارتفاع ديون الاقتصاد الخاص والعام، إضافة إلى تراجع قدرة إسرائيل على تجنيد الاستثمارات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع كلفة التجنيد ثم تراجع الاستثمارات، فضلاً عن «ارتفاع جوهري لنسبة البطالة. وارتفاع حاد في أسعار المنتجات... مع احتمال أن يدخل الاقتصاد في دوامة التضخم».
جراء ذلك من الممكن أن يطلب رفع الفائدة لمدى قصير، لهذا تناول التقرير تأثيراً آخر محتملاً للمقاطعة هو اضطرار إسرائيل إلى تحديد سعر صرف الشيكل، وتحديد آلية خفض تدريجي، وفي هذه الحالة هناك خشية من تعرض الشيكل لضغوط من المضاربين، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض في احتياطي العملات الاجنبية في بنك إسرائيل، واهتزاز الاستقرار المالي للاقتصاد، ما يعني نشوء سوق سوداء للعملات وضرر حقيقي على التصدير.
وبناءً على تقديرات المالية الإسرائيلية، فإن تحقق السيناريو المتطرف يمكن أن يكون نتاج نقطة تحول يجري خلالها تغلغل معايير أخلاقية في الوعي الأوروبي وتحولها إلى قاعدة قيمية ملزمة لدول العالم، ولكن التقرير توقف عند الظاهرة الحالية التي رأى أنها تمثل بداية تشكل هذا الوعي، بفعل الجهود التي تبذلها منظمات غير حكومية، ويقوم على نشرها أشخاص لديهم تأييد شعبي.
في المرحلة الثانية، وهي الأشد وفق التقرير، تتبلور مجموعة معايير تتبناها الدول بصورة متزايدة إلى أن تتغلغل في وعي أغلب المجتمع الدولي، لذا لفت إلى أن الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية يسمى «نقطة تحول».
إلى ذلك، توقف التقرير عند استعداد 13 دولة من الاتحاد الأوروبي في نيسان 2013، لتطبيق قرار وضع علامات على منتجات المستوطنات، لكنه عاد وأشار إلى أنه بناءً على طلب الولايات المتحدة أُجِّل التنفيذ حالياً. وعلى خلفية هذه المخاطر، دعا معدو التقرير إلى «الاستعداد للسيناريو الأكثر تطرفاً الذي تتجند فيه دول العالم لدعم جهود المقاطعة».
(الأخبار)