تتوالى التقارير الإسرائيلية التي تؤكد حقيقة أن الصفقة التي عقدها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مع ناشر صحيفة «يديعوت احرونوت»، ارنون موزيس، تنطوي على العناصر المكتملة للرشوة، كما يرى بعضهم. وفي حال صحة المعلومات، التي تسربت في وسائل الإعلام الإسرائيلية، يزداد احتمال توجيه تهم جنائية إلى نتنياهو.
يستند هؤلاء في تقاريرهم إلى أن رئيس الحكومة وافق على تبادل منافع شخصية مع موزيس، مقابل تغطية إعلامية إيجابية لسياساته في صحيفة واسعة الانتشار في إسرائيل. في مقابل ذلك، يعمل نتنياهو على إضعاف صحيفة «إسرائيل اليوم»، المجانية، بعدما تصدرت المرتبة الأولى في التوزيع على حساب «يديعوت احرونوت». وفعلاً، بادر نتنياهو إلى تنفيذ تعهده في نهاية 2014،، عبر إقرار «قانون إسرائيل اليوم» بالقراءة التمهيدية، الذي نص على منع توزيع صحيفة يومية مجاناً.
في المقابل، ذكرت «القناة العاشرة» في التلفزيون الإسرائيلي أن هناك إجماعاً في وزارة القضاء على وجود شبهة خطيرة ضد موزيس، وأن الارتباك السائد هو إزاء نتنياهو لجهة التهم المحتملة التي ستوجه إليه. ويدّعي قسم من المسؤولين في الوزارة أن اتصالات نتنياهو – موزيس تنطوي على رشوة، فيما يرى آخرون أن التهمة هي خيانة الأمانة. أما صحيفة «هآرتس»، فأكدت أنه منذ البداية كان هناك إجماع لدى كبار المسؤولين في الشرطة والنيابة العامة على أن الصفقة، التي وضعها موزيس أمام نتنياهو، تنطوي على اقتراح رشوة واضح.

نتنياهو حقق
نجاحاً لافتاً في
سيطرة السلطة
على الإعلام

في ضوء ذلك، يسود الاعتقاد في بعض الأوساط السياسية الإسرائيلية أن حكم نتنياهو يوشك على الانتهاء، الأمر الذي يفرض استشراف السيناريوهات التي تلي ذلك، وهو ما أشارت إليه القناة العاشرة، استناداً إلى أحد الوزراء، بالقول إن «اللعبة تغيرت، ويبدو أن عهد نتنياهو يقترب من نهايته».
وتُذكِّر المرحلة، التي يمر بها نتنياهو حالياً، بالسيناريو الذي حدث مع رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، عندما واجه الأخير شبهات بمخالفات أدت به لاحقاً إلى السجن، ودفعته في 2009 إلى تقديم استقالته، ثم إجراء إنتخابات مبكرة، أوصلت نتنياهو إلى رئاسة الحكومة منذ ذلك الحين.
السؤال الآن: ماذا لو قدم نتنياهو استقالته في ضوء التهم الموجهة إليه؟ على المستوى القانوني، سيجري الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين مشاورات نيابية يختار بناء عليها عضو كنيست من أجل تشكيل الحكومة. وفي حال نجح المكلف في مهمته، تنتهي المسألة عند هذا الحد. أما في حال أخفق المُكلّف في تشكيل حكومة بديلة، كما حدث مع تسيبي ليفني التي كُلّفت في أعقاب استقالة أولمرت، تُجرى انتخابات عامة مبكرة.
في كل الأحوال، يبدو أن إسرائيل تشهد محطة مفصلية قد تنطوي على نهاية مخزية للحياة السياسية لبنيامين نتنياهو الذي لا يزال يطمح إلى ولاية إضافية وأن تتجاوز مدة حكمه، التي مضى عليها حتى الآن قرابة 11 سنة على مرحلتين (1996 ــ 1999، و2009 ــ 2017)، سنوات حكم «مؤسس الدولة» ديفيد بن غوريون.
في هذه الأجواء، تسرّبت معطيات عن مقربين من رئيس «حزب العمل» وكتلة «المعسكر الصهيوني»، إسحاق هرتسوغ، عن أنهم يدعمون حكومة برئاسة رئيس حزب «كولانو» ووزير المالية، موشيه كحلون.
وقد يصح القول، إن الحكومات كافة سعت وتسعى إلى السيطرة أو التأثير في توجهات وسائل الإعلام، خاصة أن للأخيرة دوراً أساسياً في بلورة الرأي العام الإسرائيلي، لكن ما يميز نتنياهو أنه استطاع أن يحقق نجاحاً لافتاً في هذا المجال. ومن أبرز هذه النجاحات تأسيس صديقه اليهودي الأميركي الثري اليميني شيلدون ادلسون، وهو أحد أكبر ممولي حملاته الانتخابية، صحيفة «إسرائيل اليوم»، كي توزع مجاناً من أجل دعم سياسة نتنياهو.
في كل الأحوال، أكد نتنياهو بهذه الفضيحة صحة التهم التي كان توجه إليه من خصومه السياسيين والإعلاميين حينما قالوا إن أولويّته هي «البقاء في الحكم بأي ثمن».