رام الله | منذ أقل من أسبوع، أطلق العدو الإسرائيلي المنطاد «سكاي ستار 110» فوق مناطق في رام الله، وذلك بعدما شرع في شرح مواصفات المنطاد الذي يزن ستة كيلوغرامات، ولديه القدرة على مراقبة الأفراد في دائرة يبلغ قطرها خمسة كيلومترات، كما أشار إلى دقة التصوير فيه، عارضاً إمكانية التقاطه صوراً تظهر فيها لوحات تسجيل المركبات في جميع الشوارع، وخاصة المناطق التي يتوقع أن تخرج منها بوادر اشتباك أو عمليات طعن ودهس.
ومن مميزات «سكاي ستار 110» سرعة تركيبه وإطلاقه، فهو لا يحتاج إلى شاحنة ومدة تركيب تصل إلى ساعتين، بل يكون في السماء خلال أقل من ربع ساعةٍ، وبإمكان شخصين تركيبه وإطلاقه. أما منظومة التحكم والسيطرة الأرضية للمنطاد فتمتاز بالوزن الخفيف (2.5 كيلوغرام مقارنة بالمناطيد الأخرى).
واستفاد العدو الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى الثانية، والانتفاضة الجارية، من وجود هذه المناطيد في عمليات المراقبة والاغتيال، فيما كانت المقاومة في غزة قد تمكنت من إسقاط عدد قليل منها، كما حاولت مجاراة العدو على صعيد مراقبة الحدود والأراضي المتاخمة للقطاع عبر وسائل عدة، آخرها «الأبراج العسكرية»، إضافة إلى طائرات استطلاع.

بينما تراجع دور المناطيد في غزة، ازداد وجودها في الضفة والقدس

وخلال العامين الماضيين، بدأ إطلاق المناطيد يأخذ منحى تراجعياً في غزة، فيما ازداد عملها في الضفة والقدس بحكم الأحداث المتصاعدة إثر هبة القدس. ولوحظ أن العدو يتعمد نشر المناطيد في بؤر المناطق التي تتكرر فيها المواجهات العنيفة، وأيضاً في سماء الأحياء الفلسطينية التي تحيط بالمستوطنين، مثل بلدات شعفاط ومخيمها، وأبو ديس والعيسوية في القدس، وقرية تقوع في بيت لحم، وقرب مستوطنة «بيت إيل» المجاورة لرام الله والبيرة، وحي تل الرميدة ومخيم الفوار في الخليل، وبلدة عزون في قلقيلية، ومناطق أخرى.
في غضون ذلك، كان العدو يستخلص العبر، ونجح في تطوير المناطيد، مشدداً على رفعها في الجو بمستوى أكثر من مدى الرشاشات الآلية الثقيلة والمقذوفات الأرضية، كما ابتعد عن تسييرها في المناطق السكنية. والآن، لا يبدو أن إسقاط «الجاسوس الطائر» أمر سهل، فهو يحلق على ارتفاعٍ عالٍ، ويحوي غاز الهيليوم غير القابل للاشتعال، كما يمكنه مواصلة التحليق بعد الإصابة بالرصاصة أو القذيفة، لأن ضغط الغاز داخل المنطاد يوازي ضغط الهواء في الجو، فلا يندفع الغاز إلى الخارج.
رغم ذلك، تتأثر أنواع المناطيد بالحالة الجوية السيئة، كهبوب العواصف وزيادة سرعة الرياح بقوة، وهو ما تسبب بفقدان السيطرة على أحد المناطيد العام الماضي. مع ذلك، وفّر العدو إمكانية «التدمير الذاتي» في معظم المناطيد لتفجّر نفسها في حال سقوطها وانفصال أسلاكها عن القاعدة الأرضية، وذلك منعاً لحصول مقاومين على أي معلومات.
وما يخيف الأهالي في رام الله وغيرها من المناطق، شعورهم بفقدان أدنى مستوى من الخصوصية حتى في الشوارع، ولا سيما أن الأجهزة المركّبة على المناطيد تعتمد كاميرات فيها تقنية عالية تتيح لها التصوير بدقة تفوق القمر الصناعي وطائرة الاستطلاع، كما يمكنها تزويد الطائرات بحركة الأهداف تمهيداً للقصف، فضلاً عن إمكانية التجسس على شبكات الاتصالات في المناطق التي تقع في نطاقها.
والأهم هو حركتها الهادئة، إضافة إلى تحليقها المتواصل الذي قد يصل إلى أسابيع طويلة، فيما يدور الحديث عن تكلفة منخفضة في الصناعة والتشغيل مقابل طائرات الاستطلاع بفارق كبير. ومن أبرز المناطيد التي يستخدمها الاحتلال منطاد مراقبة النظام التكتيكي «TAOS»، وأخرى للتجسس من نوع «بومباردير».