«... وقد وَقَرَ واستقر في عقيدة المحكمة، أن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوعٌ بها، وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية ما انفك راجحاً رجحاناً يسمو إلى اليقين... وأن الحكومة لم تقدم ثمة وثيقة أو أي شيء آخر يغيّر أو ينال من هذا الأمر».
العبارة التي نطق بها رئيس المحكمة الإدارية العليا أحمد الشاذلي، أمس، كانت كفيلة بإشعال قاعة مجلس الدولة، بالهتافات والزغاريد، بعد ساعات طويلة من الترقب، سبقت انعقاد الجلسة الحاسمة للنظر بالطعن المقدم من جانب الحكومة المصرية ضد قرار قضائي سابق قضى بإلغاء اتفاقية الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والمعروفة إعلامياً باسم «اتفاقية تيران وصنافير». الحكم القضائي، والذي جاء في نحو ٦٠ صفحة، أجابت فيه المحكمة الإدارية العليا عن كل الأسئلة والدفوع التي أبديت خلال جلسات الطعن، منهية بذلك معركة قضائية خاضتها «الحملة الشعبية للدفاع عن تيران وصنافير»، استغرقت ٢٣٥ يوماً، منذ بدء النظر في أولى الدعاوى المقدمة لإبطال الاتفاقية ووقف تنفيذها في ٢٧ أيار عام ٢٠١٦. ويأتي قرار المحكمة الإدارية العليا، التي عقدت جلستها في ظل إجراءات أمنية مشددة شملت منع الصحافيين والشخصيات العامة من دخول مقر مجلس الدولة، ليغلق الباب أمام إجراءات التقاضي الأخرى، التي يُمكن أن تلجأ إليها الحكومة المصرية، برغم تلويحها بإمكانية اللجوء الى المحكمة الدستورية، التي يرى معظم فقهاء القانون الدستوري أنها ليست محكمة اختصاص في هذا النوع من المنازعات (في ما عدا حالة واحدة مرتبطة بتناقض حكم يوم أمس مع حكم سابق صادر عن محكمة أخرى). ومهما يكن الإجراء الذي ستواجه فيه الحكومة المصرية الصفعة القضائية التي تلقتها أمس، فإن ما جرى يمثّل تحولاً جذرياً في المعركة المفتوحة بين نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي ومعارضيه، الذين كادوا ينسون فرحة الانتصارات، بعد سلسلة الانتكاسات التي تكبدوها خلال الأعوام الثلاثة الماضية