واصل مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي جلساته التي تناولت أيضاً، التحديات التي تواجهها دولة إسرائيل على المستويين الاستراتيجي والسياسي.
إلى جانب رسائل الردع، برز إقرار لافت بحقيقة أن إسرائيل تواجه تحديات غير مسبوقة، مع التأكيد أن سلاح الجو الإسرائيلي ما زال يتمتع بالتفوق على مستوى المنطقة. على خطٍّ موازٍ، لم يفوّت أكثر من محاضر الفرصة لتوجيه انتقادات قاسية لحسابات داخلية، وعلى خلفية التباين في الرؤية والموقف.
اختار وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان منصة مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي، كي يوجه رسائل تهديد وردع في مقابل قطاع غزة. وأكد في كلمته أن «المواجهة المقبلة التي ستنشب ستكون بأقصى القوة الممكنة، إلى أن يرفع العدو الراية البيضاء»، موضحاً ذلك بالقول إنه «لا توجد مواجهة بنصف قوة أو قوة، بل توجد مواجهة كاملة». ولفت إلى أن «فرضية العمل في الجيش هي العمل بكل القوة، وإن كانت هناك حاجة لاحتلال ربع القطاع أو أكثر من ذلك، فسنفعل».
وتناول وزير الأمن النزاع مع الفلسطينيين بدعوة الدول العظمى إلى عدم التدخل، لافتاً إلى أنه يهدف إلى أن يفرضوا أنفسهم من دون أن يطلبهم أحد.
ووصف ليبرمان المسألة السورية بالأمر المعقد جداً، حيث يوجد هناك منظمات «إرهابية» من كل الأنواع مع تدخل كل الدول العظمى الإقليمية والدولية. وشدد على ضرورة أن تحافظ إسرائيل على الخطوط الحمراء «وأوضحنا للجميع بالقول ضرورة اقتلاع الرئيس الأسد من منصبه»، مشدداً على تحالفه مع إيران.
ورأى ليبرمان أنّه «لا توجد سلطة فلسطينية، هي ليست قائمة، ونحن ننسى وجود (حماستان) في قطاع غزة، والسلطة لا تحكم هناك». ووصف رئيس السلطة محمود عباس بأنّه لا يتمتع بشرعية، استناداً إلى الدستور، وبالتالي مع من نوقّع اتفاق السلام.
ولفت إلى أنّ من غير الممكن أن نقترح على أبو مازن أكثر مما اقترح عليه رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت في أنابوليس.

إن كانت هناك حاجة، ستحتل إسرائيل جزءاً من القطاع

في المناسبة نفسها، رأى قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء أمير ايشل، أن الوضع القائم في الشرق الأوسط لا يمكن التخمين ببقائه، «لا أحد يعرف ما سيحصل بعد 15-20 سنة. يجب أن نأخذ بالحسبان أن هناك دولاً يمكن أن تتغير».
ولفت إلى أن هناك تحولاً في نوعية الأسلحة في المنطقة، وخاصة في مجال أسلحة الدفاع الجوي. وأكد أن إسرائيل الآن في «المعركة بين الحروب» وهي لا تزال تحت مستوى التصعيد لحرب كبيرة، وهذا تحدٍّ كبير. ورأى أن ما تقوم به إسرائيل على المستوى الاستراتيجي، هو الدمج بين الاستخبارات والجو.
ولفت إلى أنه لا يمكن أن نبقى نهلّل للقوة العسكرية، فغالبية الأدوات لدينا أُنتجَت في الولايات المتحدة، ودولاراتها هي التي تمنح دولة إسرائيل القدرة على تعزيز أمنها. وأشار إلى أنّه لا يمكن عبر هذه المساعدات بناء مستشفيات أو أمور أخرى. ووصف هذا الأمر بالمهم جداً، ومن أجل أن نتمكن من العيش هنا يجب توفير الحماية. وأوضح أنّ اتفاق المساعدة للعشر سنوات المقبلة، مع الولايات المتحدة، سيعزز القوة الجوية بشكل مهم.
مع ذلك، أقر إيشل بأنّ إسرائيل ستواجه تحديات لم تواجهها من قبل، وهذه التهديدات سيكون لديها القدرة على تشويش جزء من قدرة سلاح الجو. نحن نعدّ أنفسنا لمواجهة ذلك، بحيث يكون التشويش محدوداً قدر الإمكان. وأكد قائد سلاح الجو أنه لا توجد قدرة الآن، ولا بعد 5 - 10 سنوات لوقف سلاح الجو، لا على الأرض، ولا في الجو. وفي الوقت الذي لن يستطيعوا فيه وقف سلاح الجو، «نحن لا نستخف بالتهديدات، بل نستعد لمواجهتها بمنتهى القوة، لكن لا يوجد وضع يتوقف فيه سلاح الجو».
من جهته، اختار وزير الأمن السابق موشيه يعلون، منصة المؤتمر، كي يشنّ هجماته على رئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بنيت، بالقول إن الزعيم لا يعمل على الربح السياسي في أثناء المعارك العسكرية أو بعدها. وأكد أنه لو كنا في عملية «الجرف الصامد» ننقاد خلف استطلاعات الرأي، وخلف الشعارات غير المسؤولة، لكنا غارقين عميقاً في المستنقع الغزاوي. وعلى عكس الانطباع العام في إسرائيل، زعم يعلون أن المعركة حققت أهدافها التي حددناها.
في المقابل، رأى زعيم حزب «يوجد مستقبل» يائير لابيد، أن لدى إسرائيل «أفضل جيش في العالم، لكنه لا يستطيع أن ينتصر، لأنه بحاجة إلى قيادة سياسية تعرف ما تريد، وتعرف كيف تقود الأمور. الجيش لا يستطيع أن يعمل من دون تعليمات. وهو لا يستطيع أن ينتصر، إذا لم تحدد له الأهداف».
ولفت لابيد إلى أن الجيش لا يمكن أن يعمل عندما يحاول رئيس الحكومة أن يخفي الحقيقة عن الجمهور، فإنه بذلك يمسّ بقدرة الجيش على استخلاص العبر والاستعداد للمعركة القادمة. وشدّد على «أن قوة الجيش الإسرائيلي مبنية إلى حدٍّ كبير على نظريته القتالية وعلى استعداده الدائم للتطور. الوضع اليوم هو أنهم يخفون بدلاً من أن يصلحوا، ولا يقولون الحقيقة في الوقت الذي يجب فيه أن يطوروا، وينشغلون بالسياسة الداخلية في الوقت الذي يجب فيه أن يستعدوا للمعركة القادمة».