القاهرة | بشكل مخيّب للآمال، أقرّ رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، تشكيل لجنة «توفيق أوضاع الكنائس» التي يفترض أن تمنح التصاريح للكنائس والمباني المخالفة التي تستخدم لأغراض الصلاة، وبعضها كنائس لم يصدر لها ترخيص رغم ممارسة الأقباط شعائرهم فيها منذ سنوات. وتكثر هذه الظاهرة في مناطق الصعيد بشكل خاص وفي القرى والنجوع، حيث يصلّي الكثير من الأقباط في مبانٍ كنسية خدمية تحولت إلى كنائس بسبب قيودٍ مفروضة منذ عقود على بناء الكنائس.
اللجنة الجديدة منصوصٌ عليها في قانون بناء الكنائس الذي أقرّ العام الماضي، فيما بدأت الكنائس المصرية الثلاث منذ أسابيع إجراء حصر لعدد الكنائس والمباني التابعة لها وغير المرخصة، من أجل تقديم ملف متكامل بها للجنة، فيما كان لافتاً وجود ممثلين للأمن الوطني والمخابرات في التشكيل الذي يترأسه رئيس الوزراء. ويضم التشكيل أيضاً عدداً من الوزراء، أبرزهم وزير الدفاع، إضافة إلى ممثل للطائفة التي يتبع إليها المبنى المطلوب الحصول على ترخيص رسمي له.
وتضمّن قرار تشكيل اللجنة تحديد يوم 28 أيلول/ سبتمبر المقبل كموعد نهائي وأخير لتلقّي كشوف حصر المباني الكنسية وتقييد هذه الطلبات في سجل خاص، على ألا تنظر اللجنة في أي طلبات تقدم بعد هذا التاريخ، بينما تكون اجتماعاتها شهرية على الأقل وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، وتكون مداولاتها سرية وتصدر توصيتها بأغلبية أصوات الحاضرين، وعند تساوي الأصوات يرجّح الجانب الذي منه الرئيس.

يزيد القرار المخاوف حول طبيعة عمل اللجنة في ظل سيطرة أجهزة الدولة على عضويتها

وتثير اللجنة مخاوف ناشطين أقباط، خصوصاً في الصعيد الذي يضم النسبة الأكبر من المباني غير المرخصة، بسبب وجود مندوب للأمن الوطني في اللجنة، وهو الجهاز الذي يعرقل بناء الكنائس عادة تحت مسمى «الدواعي الأمنية»، فيما لم يشمل القرار تحديد أي مواعيد لانتهاء اللجنة من عملها، في ظل اقتراب الكنائس من تسليم قائمة المباني المطلوب ترخصيها خلال الأسابيع المقبلة.
وانتقدت «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» قرار تشكيل اللجنة، معتبرة أن القرار يزيد المخاوف حول طبيعة عمل اللجنة في ظل سيطرة أجهزة الدولة على عضويتها، خصوصاً الأمنية منها، وإضفاء الطابع السري على المناقشات، وكذلك في ظل غياب أيّ معايير موضوعية تحكم عملية اتخاذ القرار داخلها.
وأبدت «المبادرة المصرية» ملاحظات عدة على تشكيل اللجنة وطريقة عملها، إذ جاء تشكيل اللجنة غير ممثل لكل الأطراف ذات الصلة بعملية بناء الكنائس وترميمها، وسيطرت عليها الجهات الحكومية، بما يثير الشكوك حول اتباع السياسات القديمة نفسها بتغليب النظرة الأمنية على عملية اتخاذ القرار، لا سيما أن اللجنة ستتخذ قراراتها بالأغلبية، ما يعني أن هناك 10 أصوات للحكومة مقابل صوت وحيد للطائفة المعنية، كذلك لم يحدد القرار ماهية ممثل الطائفة الدينية، وهل كل طائفة سيكون لها ممثل أم ممثل واحد لكل الطوائف المسيحية، وكيفية اختياره، وهل عضويته دائمة أم متغيّره حسب الكنيسة أو المنطقة الجغرافية.
وانتقدت إضفاء طابع السرية على عمل اللجنة، وهو ما ينتهك حق المواطنين في معرفة الأسس الحاكمة لعملية منح أو رفض الترخيص لكنيسة أو مبنى خدمات. وهذه الطريقة السرّية تشير إلى أن تشكيل اللجنة قد صدر لغرض شكلي، بغض النظر عن السعي إلى تحقيق مضمون النص القانوني والهدف منه، كما يفتح الباب للمواءمات والعمل بعيداً عن القانون، لا سيما في ظل غياب أيّ معايير حاكمة لعمل اللجنة والمناقشات داخلها.