تعقيباً على إصدار المحكمة العليا في جنوب أفريقيا، أول من أمس، أمراً مؤقتاً بمنع الرئيس السوداني عمر البشير من مغادرة البلاد، إلى حين بتّ تسليمه أو عدم تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف بحقه عام 2009، أوضح وزير الدولة في الخارجية السودانية، كمال إسماعيل، «أن جنوب أفريقيا أبلغتنا مسبقاً أنها ستوفر كل الإجراءات اللوجستية والأمنية للرئيس البشير، ضمن التزاماتها بقرارات الاتحاد الأفريقي القاضية بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية».
ويأتي أمر المحكمة بالتزامن مع مشاركة البشير في قمة الاتحاد الأفريقي التي انطلقت أعمالها صباح أمس في جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، وتستمر أعمالها حتى اليوم. وجاء أمر المحكمة على خلفية إلحاح المحكمة الجنائية الدولية وجهات أوروربية خلال الأيام الماضية على المطالبة باعتقال البشير خلال مشاركته في قمة جوهانسبرغ، لكون جنوب أفريقيا من الدول الموقّعة على نظام روما الأساسي الخاص بتشكيل المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي هي ملزمة نظرياً بتنفيذ قراراتها. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرة اعتقال بحق البشير في آذار 2009، متهمة إياه بارتكاب «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور» غربي السودان. وأضافت المحكمة تهمة «الإبادة الجماعية» في العام التالي، وذلك فيما يرفض البشير الاعتراف بالمحكمة، معتبراً إياها «أداة استعمارية موجهة ضد السودان وضد الأفارقة».
المحكمة «أداة استعمارية موجّهة ضدّ السودان وضدّ الأفارقة»

«ليس هناك ما يهدّد سلامة الرئيس، وما يتردد بشأنه موجود في الإعلام فقط»، قال إسماعيل، معتبراً أن قرار المحكمة الجنوب أفريقية أتى نتيجة «حملة عدائية ضد السودان»، مضيفاً أن «جنوب أفريقيا لها تاريخ طويل من النضال، ونعتقد أنها لن تخضع للمحكمة الجنائية». ورأى إسماعيل أن ما أصدرته هذه المحكمة «لا قيمة له، لأن الموقف الرسمي لجنوب أفريقيا ملتزم بقرار الاتحاد الأفريقي»، مضيفاً أن «قرار المحكمة شأن داخلي في جنوب أفريقيا، لا شأن لنا به، ولا شأن له بالقمة». من جهته، رأى وزير خارجية السودان، إبراهيم غندور، أن مطالبة محكمة الجنايات الدولية لجنوب أفريقيا بتنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة عنها بحق البشير «لا قيمة لها»، وأنها «أمر مرفوض من القادة الأفارقة... ويأتي في سياق الاستفزازات للقادة الأفارقة، على نسق ما تقوم به بعض الجهات الأوروبية التي تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة في أفريقيا». ورأى غندور أن «مزاعم المحكمة الجنائية مستمرة لسببين أساسيين: الأول كون السودان دولة أفريقية، والآخر أن هناك أطماعاً في السودان يريدون تحقيقها عبر المحكمة المزيفة، وبتهديد السودان من خلال الادّعاء بدعم العدالة التي يؤمن بها السودان قبل غيره، شريطة أن تكون عدالة يتساوى أمامها الجميع، الأبيض والأسود».

وردّ سفير جنوب أفريقيا في هولندا، يوم الجمعة الماضي، على قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (الصادر في 28 أيار الماضي)، قائلاً إن بلاده تجد نفسها أمام «واجبات متضاربة»، وأن القانون الذي يستند إليه قرار المحكمة بتسليم البشير «يفتقر إلى الوضوح».

(الأناضول، أ ف ب)