لا يترك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أي فرصة تفوته، لطرح فكرة «المنطقة الآمنة» في الشمال السوري، خاصة في ضوء متغيرات الميدان والسياسة الحالية، والتي يجد فيها هامشاً كبيراً للمناورة حول مشاريعه وإمكانية حشد إجماع دولي وإقليمي لها.
وبدورها، شكّلت الجولة التي يجريها أردوغان على عدد من دول الخليج العربي، حيّزاً ملائماً للفكرة المتجددة. ففي كلمة ألقاها، أمس، أمام «معهد السلام الدولي» في العاصمة البحرينية المنامة، التي وصل إليها أول من أمس، برفقة عدد من الوزراء والنواب والمسؤولين الأتراك، شدّد أردوغان على ضرورة «إقامة مناطق آمنة للمدنيين في سوريا»، ستراوح مساحتها «بين أربعة آلاف وخمسة آلاف كيلومتر، وستتطلب منطقة لحظر الطيران»، داعياً دول الخليج إلى لعب دور أكبر في سبيل تحقيق ذلك. وحثّ أردوغان هذه الدول على المشاركة في تدريب «جيش سوري وطني يتولى مهمة حماية المدنيين»، شبيه بـ«الجيش الحر» الذي تدربه تركيا في شمال سوريا. وعن خطط أنقرة المستقبلية في سوريا، قال أردوغان: «نتجه في المرحلة المقبلة إلى الرقة ومنبج، وسنسعى بالتعاون مع التحالف الدولي إلى تشكيل منطقة آمنة يعيش فيها إخواننا العرب والتركمان».
وفي موازاة ذلك، أكّد نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورطولموش، أمس، رفض بلاده التام إحلال عناصر «ي ب ك» (حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي)، في الرقة «بعد تحريرها من تنظيم داعش». وأوضح أنّ بلاده قد تتخذ خطوة لـ«تطهير منبج والرقة» على وجه الخصوص، في حال تحقيق «تفاهم معيَّن مع التحالف الدولي».
وفي محطته الثانية ضمن جولته الخليجية التي بدأها في البحرين، وسيختتمها في قطر، مستثنياً الإمارات، وصل أردوغان إلى العاصمة السعودية الرياض مساء أمس، حيث كان في استقباله لدى وصوله إلى مطار الرياض الملك سلمان.
وكان أردوغان قد أكد قبيل مغادرته إسطنبول، أول من أمس، تمسّك بلاده بعلاقات «قوية وصادقة مع السعودية في المجالات السياسية والعسكرية والثقافية والتجارية»، وشدّد على «أهمية أمن واستقرار السعودية بالنسبة إلى تركيا». ولفت إلى أنه سيبحث مع الجانب السعودي «قضايا ثنائية وإقليمية، أهمها المستجدات الأخيرة في الأزمات المستمرة في سوريا والعراق واليمن».
وتأتي هذه الزيارة، وهي الثالثة لأردوغان في عهد الملك سلمان، بعدما وقّع البلدان، العام الماضي، 8 اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات الاستثمارية. ووفق مسؤولين أتراك، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في آخر 5 سنوات 34.5 مليار دولار، 16.6 مليار دولار منها صادرات تركية للسعودية، مقابل 17.9 مليار دولار واردات من المملكة.
(الأخبار، أ ف ب)