القاهرة | «ترقيع حكومي لسكرتارية الرئيس». هكذا يمكن وصف التعديل الحكومي الأخير الذي أقرّه مجلس النواب، ليكون التعديل الثاني في حكومة شريف إسماعيل. الإعلان رسمياً عن التعديل الذي جاء بعد مشاورات استمرت شهرين، لم يُزل غموض المشهد، لأسباب عدة، منها استبدال الأسماء حتى اللحظات الأخيرة، وعدم تحديد الحقائب الوزارية التي سيتم إقالة أصحابها أو الاتفاق النهائي على المرشحين للمناصب الوزارية، لا سيما أن بعض المرشحين اعتذروا لسببين رئيسيين، الأول هو ضعف الراتب، والثاني الروتين الحكومي والخوف من التعامل مع البيروقراطية المصرية.
وشهد البرلمان تأييداً ودعماً كاملاً من أعضاء «ائتلاف دعم مصر»، ومن دون مناقشة للسيرة الذاتية للوزراء أو أسباب استبعاد بعض الوزراء في مقابل الإبقاء على آخرين، لا سيما وزير التخطيط والمتابعة أشرف العربي الذي تمت إطاحته من دون أسباب تذكر، في مقابل الإبقاء على وزير الصحة أحمد عماد الدين الذي دخل في أزمات عدة مع الأطباء والصيادلة وفشل في الوصول إلى حل مع شركات الأدوية، وغيرها من القضايا الملحّة التي كانت مثار جدل في الشارع وداخل أروقة البرلمان في الأشهر الماضية.
ورغم الجدل حول حقيبة الخارجية بعد التسريبات الأخيرة للوزير سامح شكري، إلا أن التغيير لم يطله بسبب رضى الرئيس عن أدائه، بينما لا تزال التحقيقات جارية في هوية الجهة التي سرّبت تسجيلات شكري الأخيرة.
وشهدت جلسة التصويت حالة من الفوضى، بعدما بدأت الجلسة من دون أن يعرف النواب أسماء الوزراء الجدد، أو السيرة الذاتية لأي منهم، فلم يحضر أي وزير للحديث أمام المجلس، بينما علم بعض الوزراء باستبعادهم من وسائل الإعلام.
ويقول بعض أعضاء «ائتلاف دعم مصر» إن حكومة جديدة سيتم تشكيلها في 30 حزيران/ يونيو المقبل تضم شخصيات يرشحها الائتلاف، لكن هذا الحديث ليس هناك ما يدعمه عملياً حتى الآن.
وجاءت إقالة وزير التموين، محمد علي مصيلحي، الذي عُيّن قبل أشهر قليلة، مع إجبار سلفه على الاستقالة، مفاجأة من العيار الثقيل، خصوصاً أن الرجل لم يمضِ فترة مناسبة للحكم على أدائه، وهو ما فسّرته مصادر لـ«الأخبار» بأن المؤسسة العسكرية وجدت في إبعاده عن الوزارة الحل الأفضل بعد إخفاقه في التدخل السريع للحدّ من ارتفاع الأسعار وتوفير السلع التموينية من دون زيادات.

علم بعض الوزراء باستبعادهم من وسائل الإعلام

وأعاد التعديل الوزير السابق في حكومة حسني مبارك علي المصيلحي إلى وزارة التموين، بعدما قدم استقالته من رئاسة اللجنة الاقتصادية في البرلمان، وسيستقيل من البرلمان التزاماً بالدستور الذي يحظر الدمج بين عضوية المجلس وتولي منصب وزاري، على أن تجرى انتخابات جديدة في دائرته خلال شهرين وفقاً للدستور والقانون، حيث ينتظر إبلاغ رئيس مجلس النواب اللجنة العليا للانتخابات خلوّ مقعد الدائرة من أجل إجراء الانتخابات واختيار نائب آخر.
ومن بين مفاجآت التعديل أيضاً، كانت إطاحة وزيرة الاستثمار داليا خورشيد التي دافع عنها رئيس الحكومة أكثر من مرة في لقاءات عدة، بينما كانت المفاجأة الأكبر دمج حقيبة الاستثمار مع التعاون الدولي لتكون تحت قيادة الوزيرة المقرّبة من الرئاسة سحر نصر، التي أبرم خلال ولايتها أكبر عدد من القروض في تاريخ مصر.
وجاءت إطاحة وزير التربية والتعليم، الهلالي الشربيني، متوقعة، بعد تسريب امتحانات الثانوية العامة والأزمات التي شهدها التعليم الثانوي خلال ولايته. ورغم التفاؤل باختيار طارق شوقي لهذا المنصب، إلا أن هذه الآمال لا يتوقع أن تستمر طويلاً في ظل عدم خبرة شوقي الذي عمل في الخارج، ولا يملك أي رؤية في التعامل مع الجهاز الإداري في الدولة، رغم وجوده على مدار نحو عامين على رأس مجلس استشاري لرئيس الجمهورية، من دون أن يقدم أي عمل يذكر.
شوقي الذي يعارض مجانية التعليم ويطالب بتقنينها، سيواجه معارضة برلمانية حال سعيه إلى إقرار السياسة التي سبق أن تحدث عنها بشأن رفع المجانية عن التعليم، بينما سيكون أول اختبار عملي له خلال امتحانات الثانوية العامة المقبلة التي ستعقد في أول حزيران/ يونيو المقبل.
وأحيطت «شبهات» بوزير الزراعة الجديد، عبد المنعم البنا، الذي واجه بلاغات بالسرقة خلال فترة توليه رئاسة المركز القومي للبحوث، فيما قال النائب مجدي ملك، عضو لجنة الزراعة في البرلمان، إن جميع أعضاء اللجنة اعترضوا على اسم الوزير الجديد، ووصفوه بالفاشل، ورغم ذلك تمّت الموافقة على تعيينه.