في الوقت الذي تسير فيه لقاءات جنيف المخصصة للتوافق على أجندة المحادثات المقبلة، والتي لم يظهر لها أي جدول زمني واضح حتى اللحظة، عاودت فرنسا وبريطانيا تحريك مشروع قرار يتضمن عقوبات ضد مسؤولين عسكريين سوريين، وحظراً على بيع الطائرات المروحية لمؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، مستنداً إلى تقرير للجنة التحقيق المشتركة حول انتهاكات الأسلحة الكيميائية في سوريا، يتهم دمشق بتنفيذ ثلاث هجمات كيميائية عبر «حاويات تحتوي كلوريت» يُزعم أنها ألقيت من طائرات مروحية عسكرية.
التصويت على مشروع القرار استجلب «فيتو» روسياً ــ صينياً مشتركاً. وحظي المشروع بدعم تسعة أعضاء مقابل رفضه من ثلاث دول، فيما امتنعت ثلاث دول أخرى عن التصويت، وهي مصر وإثيوبيا وكازاخستان.
ولا يخرج توقيت طرح المشروع عن إطار مشاريع سابقة رافقت جولات المحادثات والنقاط «المفصلية» في مسار الحل السياسي السوري، بما يشكّل ضغطاً على الوفد الحكومي والدول الداعمة له. ويعيد طرح القرار إلى الأذهان ما جرى في مجلس الأمن في تشرين الأول من العام الماضي، عند طرحت فرنسا وإسبانيا مشروعاً يطالب بوقف الأعمال القتالية في حلب. يومها أعلنت موسكو قبل التصويت على القرار أنه أُعدّ ليلقى «فيتو» من قبلنا.دعمها لإدراج
مكافحة الإرهاب في أجندة المحادثات

وقد خرجت تصريحات عديدة من الجانب الروسي تؤكد أن القرار لن يمر في مجلس الأمن، وعلى رأسها ما قاله الرئيس فلاديمير بوتين، واصفاً مشروع القرار الغربي المقدم إلى مجلس الأمن بأنه فكرة «غير مناسبة»، ومؤكداً رفض بلاده له. ورأى أن هذا القرار «لن يساعد عملية التفاوض، بل سيزعزع الثقة خلالها».
كلام بوتين أكده بدوره نائب وزير الخارجية الروسي، غيناي غاتيلوف، الذي عقد في جنيف أمس اجتماعاً مع الوفد الحكومي السوري برئاسة بشار الجعفري، بعد اجتماع الأخير إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. ولفت غاتيلوف إلى أن الوفد الحكومي لم يعترض على مقترحات دي ميستورا لأجندة المحادثات، ولكنه طالب «بإدراج موضوع الإرهاب في أجندة المحادثات»، معرباً عن تأييد بلاده لوجهة نظر دمشق. وأشار إلى أنه سيلتقي وفد «الهيئة العليا» المعارضة، اليوم الأربعاء، موضحاً أن لقاءه يهدف إلى توضيح مواقف «الهيئة».
وبالتوازي مع عرض روسيا، أول من أمس، عقد اجتماع لـ«مجموعة دعم سوريا»، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما «وفّرت الغطاء لتنظيم (جبهة النصرة) حتى النهاية»، مضيفاً أن «الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب تؤكد وبقوة رغبتها في التعاون مع روسيا في محاربة الإرهابيين». وأكد أن «روسيا على استعداد لمحاربة الإرهاب مع الولايات المتحدة في سوريا».
تجديد العرض الروسي للتعاون، على هامش «جنيف»، لم يكن وحيداً، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبيل مغادرته إسطنبول أمس متوجهاً إلى باكستان، أن بلاده قد تشنّ عملية عسكرية نحو مدينتي الرقة ومنبج «في حال التوصل إلى تفاهم مع روسيا والتحالف الدولي والولايات المتحدة».
وأوضح أنه «في الوضع الحالي، تركيا تعلّق أهمية كبيرة على المحادثات مع روسيا التي تعدّ أحد البلدان المقرّبة، فضلاً عن الاتصالات مع حلفائنا الاستراتيجيين، (التحالف) والولايات المتحدة»، مشدداً على أن قوات بلاده «لا تعتزم البقاء في سوريا» بعد انتهاء عملية «درع الفرات».
وأضاف أنه يتعين تحريك «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى شرق نهر الفرات، نافياً أي حديث عن احتمال تعاون بلاده مع «قوات سوريا الديمقراطية». وشدد على أن منطقة منبج ليست لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» وعليه «الانسحاب» منها، لكونه «يهدّد الأراضي التركية». وأشار إلى وجود خلاف في وجهات النظر بين تركيا والولايات المتحدة حول «المنطقة الآمنة» شمالي سوريا.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة «حرييت» التركية، نقلاً عن مصادر عسكرية، أن الجيش التركي بدأ بإنشاء «قاعدة مؤقتة في نقطة مهمة ضمن مدينة الباب». وأوضحت تلك المصادر أن القاعدة ستكون على قمة جبل عاقل، المجاور للأحياء الغربية من مدينة الباب، لكون «الجبل يطل على كامل البلدة»، وفق المصادر. وقالت إن القاعدة ستكون مقراً لتجميع وإصلاح الآليات والعربات العسكرية التابعة لقوات «درع الفرات»، لافتة في الوقت نفسه إلى أن الجيش التركي أنشأ أيضاً قاعدة في منطقة دابق، في ريف الباب الشمالي الغربي.
ونقلت عن مصادر في «لواء السلطان مراد» أن اشتباكات دارت جنوب الباب، بعد اقتراب عناصر من الجيش السوري إلى «الخط الأخضر» الفاصل بين القوات، ما تسبّب في اشتباك بعد طلقات تحذيرية، قبل أن يجري اتصال بين مسؤول عسكري روسي في المنطقة ومسؤول من الجانب التركي، عبر خط ساخن معدّ مسبقاً، ليعطي الأخير أمراً لقوات «درع الفرات» بوقف العمليات وتجنّب الاشتباك.
(الأخبار، الأناضول، أ ف ب)