دمشق | بدا يوم أمس في دمشق والذي «يحتفل» فيه البعض بالذكرى السنوية لاندلاع «الثورة السورية»، كأنه آتٍ من جحيم دمشق عام 2012. شائعات بالجملة شهدها الشارع جعلت سكان العاصمة يترقبون الأسوأ بعدما هزّ المدينة انفجاران دمويان، ذهب ضحيتهما عشرات المدنيين.
الانفجار الأول ضرب شارع النصر على تخوم سوق الحميدية العتيق، حيث دخل رجل يرتدي لباساً مموّهاً ويحمل سلاحه إلى القصر العدلي القديم، وسلّم سلاحه الفردي إلى عناصر حماية المبنى الذين همّوا بتفتيشه، قبل أن يندفع باتجاه البهو، ملقياً بنفسه نحو الداخل. كل ما يذكره المصابون هو صيحته «الله أكبر»، قبل أن يدوّي انفجارٌ عنيف أحال المكان دماراً ودماءً يغطيها الغبار. جثامين الشهداء من رجال القانون والمراجعين تناثرت في بهو المبنى، لتبلغ حصيلة التفجير 36 شهيداً، إضافة إلى جرح 80 آخرين. ويعود العدد الكبير للضحايا إلى كون المبنى يكتظ بالمراجعين الذين يلاحقون معاملاتهم الرسمية كالزواج والطلاق مع تجاوز الساعة الواحدة، حين يسرع هؤلاء إلى إتمام المعاملات قبيل انتهاء الدوام الرسمي، وهو الوقت الذي حدث فيه التفجير. وبحسب شهود كانوا في المبنى بالتزامن مع وقوع التفجير، فإن وحدات الهندسة تمكنت من تفكيك عبوة ناسفة، كان الانتحاري قد وضعها خارج المبنى قبل دخوله إليه. وأعقب تفجير قصر العدل ملاحقة القوى الأمنية ثلاثة مسلحين كانوا يحاولون المرور من منطقة الربوة، باتجاه أحياء وسط دمشق، ما أدى إلى اشتباك معهم. وأفضى الاشتباك إلى إلقاء القبض على اثنين منهم وفرار الثالث للاحتماء داخل أحد المطاعم، قبل أن يفجر حزامه الناسف بعدد من الموجودين في المكان. حصيلة التفجير الثاني بلغت 24 جريحاً، بينهم إثنان في حال خطرة، تم نقلهم إلى مستشفى المواساة، وسط العاصمة. وبحسب ما أفادت به مصادر لـ«الأخبار»، لقد كانت وجهة المسلحين العبور إلى جسر حديقة تشرين والانتقال إلى كل من أحياء المالكي والمزة وكفرسوسة. الشائعات حول استهداف الأحياء الثلاثة عبر تفجيرات جديدة، سرت بسرعة النار في الهشيم، برغم نفي السلطات المتكرر لأي تفجيرات أُخرى. وتزامنت الشائعات مع توتر وفوضى سادا شوارع المدينة، بعد إغلاق شارع النصر حيث وقع التفجير الأول، إضافة إلى الطرق المؤدية من أوتوستراد المزة إلى ساحة الأمويين، وفي محيط مستشفيات المنطقة، إفساحاً للمجال أمام سيارات الإسعاف لنقل الجرحى.
التفجيرات التي أخلت شوارع دمشق من المارة، إلا ممن اضطر للخروج من منزله، خلّفت هدوءاً حذراً في مساء المدينة، خرقته أصوات المدفعية السورية تقصف مواقع المسلحين في حي القابون، شمال غرب العاصمة. ومع تعرف العائلات إلى أبنائها الشهداء من ضحايا التفجيرين، توالت التساؤلات عن الوجهة التي انطلق منها الانتحاريون، ليتمكنوا من الوصول إلى مواقع رسمية سبق أن تم استهدافها مع بدايات الحرب السورية. ومن اللافت أن تفجير مبنى قصر العدل القديم في دمشق، هو الثاني الذي يضرب العاصمة خلال أسبوع، بعد استهداف سابق لمنطقة الشاغور القديم، والمجاور لموقع تفجير أمس.