يبدو أن الأسبوع المقبل سيشهد «جولةً حاميةً» تحت قبة البرلمان العراقي، بين رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، على خلفية بعض البنود المتعلّقة بالموزانة العامة لعام 2017.وقرّرت رئاسة مجلس النواب العراقي رفع جلسة الخميس حتّى الأسبوع المقبل، بعدما كان مقرّراً استضافة العبادي الذي لم يحضر الجلسة. وعلمت «الأخبار»، من مصدر نيابي في «التحالف الوطني»، أن «أصل الخلاف يعود إلى تمرير الجبوري لبند يقتطع من خلاله مبلغاً وقدره 54 مليار دينار عراقي (أكثر من 38 مليون دولار) لمصلحة نواب البرلمان».

وإن كان الجبوري قد رفض «اتهام» العبادي، إلا أن مواقع إخبارية عراقية عدّة نقلت عن عددٍ من النواب أن «الإجراء جاء بهدف تأمين نفقات البرلمان ورواتب أعضائه والآلاف من موظفيه». أما «اللجنة المالية البرلمانية»، فقد أعربت عن استغرابها لطعن الحكومة في تقليص استقطاعات رواتب الموظفين، فيما نفى النائب عن ائتلاف «اتحاد القوى» محمد تميم، نقل 50 مليار دينار، مشيراً إلى أن «هذه المبالغ تمت مناقلتها من وزارة المالية عن طريق البنك المركزي لموظفي مجلس النواب وليس لأعضائه».
ويؤكّد المصدر، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «خزينة الدولة العراقية تعيش حالةً من الإفلاس، خصوصاً أن سعر برميل النفط قد انخفض إلى الثلث»، لافتاً إلى أن «العراق لا يملك أيّ مورد دخل يستطيع الارتكاز عليه في عملية النهوض الاقتصادي». ويلتقي النائب في «التحالف الوطني» مع العبادي، في حديثه، قائلاً إن «الاقتطاع الذي مرّره المجلس يأتي على حساب مخصصات الفقراء والنازحين من الحرب الجارية ضد تنظيم داعش»، مؤكّداً أن «العبادي يحاول قدر المستطاع محاربة الفساد المستشري في أجهزة الدولة».
ولا تنتهي الرواية عند هذا الحد، فحرب العبادي المقبلة ــ بعد «داعش» ــ ستكون على الفساد، الذي وصل إلى حدٍّ لا يمكن أن تتحمّله بنية الدولة العراقية، بتعبير أكثر من مصدرٍ عراقي، يستشرفون ــ في أكثر من حديث ــ أن «البلد على حافة الانهيار». وأمام هذا المشهد، فإن العبادي يحاول، وفق أكثر من مصدر، «الاقتصار على المصاريف الأساسية في الموازنة العامة»، باعتبار أن موازنة البلاد هي تشغيلية، والعمل على توفير ما يمكن توفيره لمصلحة خزينة الدولة، كي يتمكّن من المضيّ قدماً في معاركه ضد «داعش»، والتي أثقلت الموازنة، من جهة، وتأمين الممكن لعوائل الضحايا والنازحين في الحرب».

وُجّهت رسائل إقليمية ودولية للعبادي تطمئنه بأنه باقٍ في منصبه لولايةٍ ثانية

وتتقاطع معلومات «الأخبار» لتقود إلى محصّلة تؤكّد أن العبادي لا يملك شيئاً من قدرة بناء دولة «منهارة» أساساً، لكنه يسعى حالياً إلى تحقيق انتصارٍ جديد على «داعش» في الموصل، ليكون تالياً في الحويجة وفي صحراء الأنبار الغربية، على أن تكون «محاربة الفساد» (شعار معظم السياسيين العراقيين) ضمن أولى أولوياته، خصوصاً أن رسائل ــ إقليمية ودولية ــ قد وجّهت للعبادي تطمئنه بأنه باقٍ في منصبه لولايةٍ ثانية.
ميدانياً، سيطرت القوات العراقية، أمس، على مواقع عدّة في القاطع الغربي لمدينة الموصل، بينها سوق وجامع داخل المدينة القديمة. وقال قائد «الشرطة الاتحادية»، رائد شاكر جودت، أمس، إن «قطعات الشرطة الاتحادية والرد السريع تفرض سيطرتها الكاملة على جامع الباشا وشارع العدالة وسوق باب السراي، في المدينة القديمة».
وكانت قوات «مكافحة الإرهاب» قد انطلقت، أمس، من الجهة الغربية للمدينة القديمة، لاستعادة مناطق عدّة، بهدف محاصرة المسلحين. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن قائد «مكافحة الإرهاب»، عبد الغني الأسدي، أنه «منذ ساعات الصباح الباكر، شرعت قطعاتنا في الحركة باتجاه أحياء الرسالة ونابلس»، حيث تخوض مواجهات عنيفة ضد مسلحي التنظيم.
وألزمت الأمطار والضباب القوات المتقدّمة، أوّل من أمس، بوقف هجومها في المدينة القديمة. وعمدت قيادة «العمليات المشتركة» إلى تعديل خطط الهجوم، كي تكون متلائمة مع التضاريس المعقدة والأزقة الضيقة، بسبب «الشلل» الذي أصاب سلاح المدرعات في المنطقة، الأمر الذي يعرّض القوات العراقية لنيران مسلحي «داعش».
بدوره، أعلن قائد القوات البرية في الجيش العراقي، رياض توفيق، أمس، سماح «العمليات المشتركة» لأهالي الموصل بمغادرة المدينة باتجاه بغداد، بعد ملء استمارة أمنية، عازياً سبب ذلك إلى «منع هروب مسلحي داعش»، ولافتاً إلى أن «هذا الإجراء سيقضي على الفساد المالي لبعض منتسبي القوات الأمنية ممن يرومون استغلال أهالي الموصل».
(الأخبار)