القاهرة | يعقد رئيس الحكومة المصرية، شريف إسماعيل، منذ بداية الأسبوع الجاري عدداً من اللقاءات مع مختلف الوزارات للوصول إلى «أفضل الصيغ» لتطبيق مزيد من الإجراءات لخفض الدعم «بأقل غضب شعبي ممكن».
وقد نجحت الحكومة في خفض عجز الموازنة بالفعل منذ بداية العام المالي الحالي بسبب رفع أسعار المحروقات وزيادة أسعار الكهرباء والمياه في خلال الفترة الماضية، إلا أنها لم تصل بعد إلى النسب التي كان يفترض أن تحققها في خلال الفترة نفسها وفق الخطة التي عُرضت على صندوق النقد الدولي الذي أجّل صرف الشريحة الثانية من قرض الـ12 ملياراً لمصر.
ورفضت الحكومة مطالبات الصندوق برفع أسعار المحروقات مجدداً بعد زيادتها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بالتزامن مع تحرير سعر الصرف، علماً بأن استئناف إمدادات «أرامكو» السعودية بشروط الاتفاقية السابقة نفسها والخاصة بتسهيلات السداد، ستؤجل هذا الإجراء الذي يتوقع اتخاذه بين وقت وآخر. وقد أعلن وزير النقل رسمياً أمس، ضرورة زيادة أسعار تذاكر المترو في خلال الأيام المقبلة، حيث يتوقع مضاعفة سعر التذكرة اعتباراً من بداية نيسان/أبريل المقبل في خطوة مهدت لها الحكومة كثيراً على المستوى الإعلامي.

بدأ الوزراء بالتمهيد لمزيد من زيادات الأسعار مع بداية السنة المالية الجديدة

ويحاول إسماعيل بالتعاون مع وزراء الاستثمار والمالية دراسة تطبيق أقل الإجراءات ضرراً، في ظل ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية في الأشهر الماضية، بالإضافة إلى محاولات خفض سعر الصرف عبر دعم الاستثمارات. وهذه خطوات تحظى باهتمام من القيادة السياسية، لكن نتائجها لم تظهر بعد، في ظل انتظار عدد غير قليل من الشركات، ولا سيما الدولية، صدور قانون الاستثمار الشهر المقبل، حيث يتوقع إقراره بداية أيار المقبل.
وسبّب عدم وصول الحكومة إلى المعدلات المتفق عليها مع صندوق النقد تأجيل صرف الشريحة الثانية من قرض الـ12 ملياراً إلى حزيران/يونيو المقبل على الأقل، علماً بأن عدداً من الوزراء بدأوا بالتمهيد لمزيد من زيادات الأسعار مع بداية السنة المالية الجديدة، بينما تدرس وزارة المالية احتساب الدولار في الموازنة الجديدة على أساس يراوح بين 16 و18 جنيهاً، وهو ما يعني صعوبة صعود الجنيه مجدداً أمام العملة الأميركية.
كذلك إن مشكلة الحكومة ليست فقط مع غضب المواطنين، ولكنها مرتبطة أيضاً بالانتقادات البرلمانية، خصوصاً بعد الصدام الأخير في مجلس النواب الذي أُرجئ إلى الجلسة العامة المقبلة في ما يتعلق بعرض اتفاقية قرض صندوق النقد على النواب. فبالرغم من إرسال الاتفاقية للمجلس للموافقة عليها، فإنَّ أحداً لم يطلع على بنودها حتى الآن، ما أثار مشاكل مع النواب، في وقت أكدت فيه اللجنة الاقتصادية أن الحكومة وضعت الشريحة الأولى في حساب خاص ولم تُنفَق، انتظاراً لقرار البرلمان بشأنها.
وستطرح الحكومة مجموعة من الشركات الحكومية في البورصة المصرية لجمع نحو ستة مليارات جنيه، علماً بأن هذه الخطوة تأتي بعد نحو 11 عاماً على إيقاف طرح الشركات الحكومية في البورصة واستمرار ملكيتها للحكومة، خصوصاً بعد إخفاق سياسة الخصخصة التي اتبعتها الحكومات في بداية الألفية.
وبخلاف قرارات مجلس الوزراء التي تحمل جانباً إيجابياً في التعامل مع القضايا الداخلية، ومنها تشكيل مجلس استشاري في المحافظات المختلفة لمعاونة المحافظين وتأسيس الشركة المصرية لتطبيقات الفضاء والاستشعار من البعد، فإن الحكومة أمام تحدٍّ اقتصادي جديد مرتبط بقدرتها على الاستمرار في خلال الفترة المقبلة وسط تصاعد المطالبات بإقالتها.