«لقد وصلت إلى مرحلة صعبة، تقيأت خلالها عصارات صفراء وخضراء». بهذه الكلمات وصف الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي خضر عدنان والمضرب عن الطعام منذ خمسين يوماً ما يمر به. مر خمسون يوماً على الشيخ، لم يذق فيها سوى «المي والملح». وللتذكير تناول الملح ضروري في حالات الإضراب عن الطعام وذلك منعاً من تعفن المعدة ثم الجسد. اليوم، دخل الشيخ الأسير أسبوعه السابع في إضرابه عن الطعام.
في هذه المرحلة يبدأ جسد المضرب بالتداعي و"بالتهام نفسه". لكن برغم من كل هذه المعاناة التي يعيشها الشيخ خضر وخطورة وضعه الصحي، لا يزال القيادي في الجهاد الإسلامي متابعاً للشؤون اليومية للفلسطينيين، فنجده يرسل سلاماته من مستشفى «أساف هروفيه» الى طلاب الثانوية العامة متمنياً لهم النجاح.
إضراب الشيخ هذا العام يختلف عن إضرابه السابق، والذي استمر لمدة 66 يوماً، فهذه المرة يتعامل السجان الإسرائيلي مع الشيخ بقسوة أكبر خوفاً من انتصار جديد قد يؤدي إلى إطلاق سراحه. حالياً، يرفض عدنان تناول أيّ منشطات أو فيتامينات، وبما أنه في معركة مع العدو، فإن استراتيجية المواجهة الذي يعتمدها تختلف عن إضرابه عام 2012. إذ وضع الأسير عدنان خطة تقتضي أن يكون الإضراب أقصر وأقسى.

ففي الأسبوع الماضي، لم يعد جسد الشيخ يتقبل الماء، كما لم يعد يقوى على السير، وأصبح الكرسي المدولب بمثابة قدميه. وفي رسالة نشرها موقع سرايا القدس (الجناح العسكري للجهاد الإسلامي)، قال عدنان: «لقد كانت أصعب ليالي الإضرابين حتى الآن ليلة الجمعة الماضية، إذ تقيأت سبع مرات، والحمد لله مرّت بسلام بعدما أصابتني حالة من البرد والسخونة، كدت خلالها أن أفقد الوعي في المرحاض وسحبني السجانان على كرسي عادي ووضعاني على السرير، وأنا في حالة لا يرثى لها، فلقد وصلت إلى مرحلة صعبة تقيأت خلالها عصارات صفراء وخضراء».
لنتخيل أننا مكان الشيخ عدنان، وأن قدمنا اليسرى ويدنا اليمنى مربوطتان بسرير المستشفى، وأن سجّاننا يمارس حرباً نفسية علينا بتناوله الطعام أمامنا، وأن كاميرات المراقبة موجهة علينا على مدار الساعة. لنتخيل الآن أننا نجاهد لمنع أنفسنا من الدخول في غيبوبة، وأننا طوال الوقت نستطعم حموضة عصارات معدتنا في فمنا، وأننا نشعر طوال الوقت بالبرد. بالطبع لن يستطيع أحد تحمل هذه الظروف.
بالنسبة إلى الشيخ الأسير، فهو يعتبر إضرابه رسالة إلى الكيان الإسرائيلي والعالم، بأنه يفضل الاستشهاد عوضاً من حبس حريته. اليوم يمكن للصائمين معرفة ما شعر به الشيخ في بداية إضرابه، أو لنكن أدق في الساعات الأولى من إضرابه. فهم اليوم وبرغم تعب الصيام لـ16 ساعة متواصلة، لا يشعرون بما يشعر به شيخنا اليوم. في غرفته في المستشفى بدأ الشيخ رمضانه قبل 50 يوماً، صيام قد يوصله إلى الشهادة أو الحرية، وكلاهما أفضل من الأسر.