ريف الطبقة | تحاول واشنطن التعاطي مع معطيات الميدان في سوريا ضمن مسارين منفصلين. ففي الوقت الذي تصعّد فيه من خطابها ضد موسكو ودمشق وطهران عقب الضربات الصاروخية التي نفذتها في ريف حمص، تتابع تعزيز قواتها في الشمال السوري، وإدارة عمليات «قوات سوريا الديموقراطية» ضمن معركة الرقة. وفي مقابل التصريحات الأميركية التي تحدثت عن تراجع في الطلعات الجوية ضد «داعش»، كنوع من الإجراءات الاحترازية لأمن قواتها في سوريا، خوفاً من عمليات «انتقامية»، أرسلت واشنطن تعزيزات مدفعية إضافية إلى محيط الرقة، عبر «كردستان العراق».
وتواجه معركة «قوات سوريا الديموقراطية» المدعومة من «التحالف الدولي» في مدينة الطبقة صعوبات عديدة، أخّرت حسم المعركة، وجعلت القوات البرية تراوح في مكانها، بعد حصار المدينة والسيطرة على مطارها إثر الإنزال الذي قادته قوات خاصة أميركية في قرية الكرين (8 كم غرب المدينة). التعزيزات الإضافية لـ«قسد» بالتوازي مع غطاء الغارات الأميركية المكثفة، مكّنتها من السيطرة على قرية بلدة الصفصافة وقريتي عايد كبير وعايد صغير. وأدى حصار التنظيم إلى تنفيذه هجمات معاكسة شرسة لمنع تقدم القوات نحو المدينة التي يعتبرها «داعش» خط دفاعه الأول عن معقله في مدينة الرقة.
ومن جهتها، أشارت مصادر ميدانية في تصريحات إلى «الأخبار» أن «(داعش) يحاول من خلال هجماته كسب الوقت لاستكمال تحصيناته في مدينة الرقة، لكونه يدرك أن وصول (قسد) إليها بات مسألة وقت». وتوقّعت المصادر أن «ينجح (داعش) في تأخير معركة الرقة إلى مطلع شهر أيار المقبل، لكونه يحتفظ بورقة سد الفرات، التي كانت أحد أهم أسباب تأخر المعركة».
وتشير المعطيات إلى أن استكمال «قسد» السيطرة على الطبقة وسد الفرات وبلدة المنصورة، وصولاً إلى أطراف مدينة الرقة الجنوبية، قد يحتاج إلى أسابيع لتحقيقه، ما يعني إرجاء المعركة إلى شهر أيار القادم. وأوضح أحد القياديين في «قسد» لـ«الأخبار» أن «تحصّن (داعش) في سد الفرات أوقف تقدم قواتنا من الجهة الشمالية من الطبقة، وركّز الجهد في الجهة الجنوبية للمدينة، التي لا يمكن الوصول إليها إلا بعبور النهر بالزوارق». ولفت إلى أن «لجوء (داعش) إلى استخدام الطائرات المسيّرة بشكل كثيف، وصعوبة وصول الإمدادات للقوات المتمركزة على الضفة الأخرى من النهر، كلها أسباب فرضت تكتيكاً هجومياً بطيئاً حفاظاً على أرواح المقاتلين، وأخّر حسم المعركة».
وبينما يظهر واضحاً حجم الدمار الهائل الذي لحق بعدد من قرى ريف الطبقة الشمالي، عقب المعارك والغارات العنيفة لـ«التحالف»، عادت ثلاث من عنفات سد الفرات إلى العمل، بعد جهود استمرت لأسبوع من قبل فريق هندسي حكومي، رافقه عدد من عناصر الهلال الأحمر السوري. وفي هذا السياق، أكد مصدر مسؤول عن إدارة سد الفرات أن «الورشات نجحت في إعادة تشغيل عدد من عنفات السد بعد تشغيل المولدات الاحتياطية، وضخ المياه باتجاه النهر وبحيرة الأسد».
وفي موازاة المعارك في الطبقة، نشرت القوات الأميركية عدداً إضافياً من مرابض المدفعية في محيط الرقة الشمالي والشرقي، تزامناً مع وصول المزيد من الأسلحة والذخائر إلى مدينة عين العرب (كوباني) قادمة من أربيل عبر معبر سيمالكا بريف الحسكة. وتقوم القوات الأميركية بالكشف على واقع مطار الطبقة العسكري لإعادة تأهيله وتحويله إلى قاعدة للعمليات العسكرية في مدينة الرقة. ومن المتوقع أن يبدأ «التحالف» صيانة المطار وإدخاله في الخدمة عقب السيطرة على مدينة الطبقة، وفق ما أكده المتحدث الرسمي باسم «قسد»، طلال سلو، في تصريح إلى «الأخبار». وسيتحول المطار فور استخدامه من قبل قوات «التحالف»، إلى أكبر القواعد الأميركية في سوريا.
الجيش يتقدم نحو خنيفيس
في سياق آخر، حقق الجيش السوري وحلفاؤه تقدماً لافتاً جنوب مدينة تدمر، لمسافة تزيد على 10 كيلومترات باتجاه مناجم فوسفات خنيفيس. العملية التي أُطلقت أمس، أدت إلى السيطرة على جبل الأبتر وعدد من التلال المحيطة به. وأحرز الجيش تقدماً في ريف حلب الشمالي، جنوب بلدتي نبّل والزهراء، مسيطراً على قرية خربة عندان، جنوب شرق منطقة الطامورة. إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل عسكريين وإصابة آخر من قواتها في سوريا، في هجوم شنه مسلحون بقذائف الهاون على معسكر للقوات السورية.