تتواصل المفارقات في فلسطين المحتلة. ليس ما يكيد الفلسطينيين استمرار سياسة التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي، في وقت تقف فيه لغة الحوار مع قطاع غزة، وتتجه السلطة إلى إجراءات عقابية إضافية.
فيوم أمس، قدمت رام الله، المشغولة بغزة أكثر من الأسرى، مفارقة أخرى، إذ كشفت الصحافة الإسرائيلية أن السلطة أبلغت منسق حكومة الاحتلال في الضفة وغزة، الجنرال يوآف مردخاي، أنها قررت أنها لن تستمر في دفع الجزء الموجب عليها من تكلفة الكهرباء في القطاع، وأن بإمكان الإسرائيليين أن يقطعوا الكهرباء عن مليوني فلسطيني. تكملة المفارقة أن تل أبيب رفضت قطع الكهرباء، وأبلغت أنها ستبحث مع «المجتمع الدولي» سبلاً لحل مشكلة غزة.
ويزود قطاع غزة بالكهرباء عبر عشرة خطوط من إسرائيل، فيما يبلغ حجم الطاقة الكهربائية الذي يصل عبرها 125 ميغاواط، وهو ما يشكل 30% من إجمالي الكهرباء الإسرائيلية، بتكلفة تصل إلى نحو 40 مليون شيقل (100 دولار أميركي = 360 شيقل) يحسمها الاحتلال شهرياً من مستحقات الضرائب العائدة إلى السلطة. كذلك أبلغت السلطة، الشركة الإسرائيلية المورّدة للمياه «مكوروت»، بتوقف توريد المياه إلى غزة، وتقدر بنحو خمسة آلاف كوب شهرياً.
وتبرر رام الله هذه الخطوة، إلى جانب إعادة فرض الضرائب على الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء في غزة، بأن حركة «حماس» «تجبي الفواتير من الفلسطينيين، ولم تُحوّل أي مبلغ إلى حكومة الوفاق»، علماً بأن هذه الخطوات كلها تأتي بصورة متسلسلة قبيل لقاء مقرر بين رئيس السلطة محمود عباس، والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
في هذا الوقت، طاول «جنون» السلطة البيت الداخلي لـ«منظمة التحرير»، إذ تجدد حسم مستحقات فصائل المنظمة. ووفق المعلومات، طاول قرار الحسم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» حصراً، وأبلغت الأخيرة رسمياً عبر «الصندوق القومي» بإشعار الحسم لمدة شهر واحد بذريعة الأزمة المالية. وتفيد المصادر بأن رمزي خوري، وهو رئيس «الصندوق القومي»، طمأن فصائل أخرى في «المنظمة» إلى أن القرار لن يطاولها.

قالت صحيفة
إسرائيلية إن ترامب سيعترف بأن القدس عاصمة للاحتلال

ووفق مصادر في «فتح»، لا تزال الحركة مصرّة على مواصلة سياستها ضد «حماس» وغزة، لكنها ظاهرياً شكلت لجنة لمتابعة المباحثات مع «حماس»، يرأسها عزام الأحمد وفي عضويتها: ناصر القدرة وروحي فتوح وأبو أحمد حلس وحسين الشيخ. أما رئيس اللجنة، الأحمد، فقال أمس، عبر تلفزيون «فلسطين» الرسمي، إن «رام الله لا يمكنها أن توفر عوامل الديمومة لمختطِفي غزة»، مضيفاً أنها بدأت إجراءات تشديد الحصار وخنق القطاع حتى تسلم «حماس» الحكم فيها، وداعياً في الوقت نفسه جماهير غزة أن «ينتفضوا في وجه الانقسام ويعيد غزة إلى حكم السلطة».
وفي تواصل للعقوبات ضد غزة، أفاد نقيب موظفي السلطة في غزة، عارف أبو جراد، في حديث إلى «الأخبار»، بأن الحسومات استمرت على رواتب الموظفين للشهر الثاني على التوالي، وشملت العلاوات المالية والإدارية كافة. ووفق المقربين من عباس، أبلغ الأخير مقربيه بأنه سيصدّق على قانون تقاعد مبكر رفعته «هيئة التقاعد» ويقضي بإحالة من يرغب من الموظفين العسكريين في غزة على التقاعد، والحصول على راتب معاش بنسبة 70% من الراتب. وفق المصادر نفسها، ثمة قرار آخر اتخذ بـ«حل هيئة شؤون الشهداء والأسرى التي تترأسها انتصار الوزير، وإحالة المستفيدين منها على هيئة المعاشات، مع أن الوزير رفضت وواجهت القرار».
أيضاً، مع بداية الشهر المقبل، سيكون هناك ضبط بما يقارب نسبة 30% على الأدوية التي تصل غزة ترى السلطة أن «حماس» تبيعها، فيما ستبقى قضية التحويلات الطبية إلى مستشفيات الضفة والأراضي المحتلة كما هي دون أن أي تغييرات، لكن المعطيات تشير إلى أن 70% من مرضى غزة يرفض التنسيق الإسرائيلي تحويلهم، فيما لا يزال معبر رفح مغلقاً دون تحويل المرضى إلى مصر.
في غضون ذلك، ذكر موقع صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أن ترامب يعتزم زيارة فلسطين المحتلة في 22 أيّار المقبل، مضيفاً أن الرئيس الأميركي سيرافقه مسؤولون كبار، وسيزورون حائط البراق والبلدة القديمة من القدس ومناطق أخرى. وأشار الموقع إلى أن ترامب قد يزور الأراضي الفلسطينية (رام الله) ويغادر في اليوم نفسه، علماً بأن هذه الزيارة ستتزامن مع إحياء الفلسطينيين «يوم النكبة». من جهة أخرى، أشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن «ثمة أمراً واحداً بادياً (بخصوص الزيارة)، وهو أن ترامب سيعلن اعترافاً أميركياً بأن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل». وأضافت أنه في مقابل هذا الإعلان، «سيعلن ترامب تأييده لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل».