تصادفت الذكرى التاسعة والستين للنكبة الفلسطينية هذا العام مع مرور ثلاثين يوماً على إضراب نحو 1800 أسير فلسطيني في سجون العدو الإسرائيلي عن الطعام. لم تشهد الأراضي الفلسطينية حراكاً شعبياً يوازي فعلياً مستوى المناسبتين. ليس أكثر من اندلاع مواجهات محدودة بين جنود العدو والشبان في نقطتين: الأولى على حاجز «بيت إيل»، المدخل الشمالي لمدينة البيرة، وسط الضفة، والثانية في بيت لحم.
على مدى ثلاثين يوماً فعل الأسرى ما يقدرون عليه، وهو تناول «المي والملح»، وعلى مدى ثلاثين يوماً لم يكن حجم تفاعل الشارع الفلسطيني بالقدر المطلوب. السلطة الفلسطينية في الضفة مشغولة بانتخابات بلدية، ورئيسها منشغل بالتحضيرات للقمة التي ستعقد في الرياض بحضور رئيس الولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب. أما أجهزة السلطة، فمنشغلة بعقد لقاءات مع العدو للبحث في كيفية وقف إضراب الأسرى، كما نشر موقع «واللا» العبري أمس. وبالنسبة إلى قطاع غزة، فإنه مشغول بآثار الانقسام الداخلي التي يصعب عليه الخروج منها. كل هذا والأسرى يواجهون عدوّهم في السجون وحدهم.
ونشر موقع «واللا»، نقلاً عن مصادر فلسطينية، معطيات عن لقاء قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية مع مسؤولين رفيعي المستوى في جهاز «الشاباك»، بهدف بحث كيفية وقف إضراب الأسرى. ووفق الموقع، حاول الطرفان «التوصل إلى تفاهمات تتعلق بإضراب الأسرى الأمنيين، لكن لم يتم التوصل الى اتفاق». وأضاف الموقع أن الطرف الفلسطيني، الذي ضمّ رئيس الاستخبارات الفلسطينية العامة ماجد فرج، ورئيس الأمن الوقائي زياد هب الريح، أوضح لنظيره الإسرائيلي أن «على إسرائيل التوصل إلى تفاهمات مع الأسرى وتنفيذ مطالبهم من أجل إنهاء الأزمة».
ولفت «واللا» إلى أن الطرف الفلسطيني وجّه الاتهامات إلى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد اردان، لرفضه إدارة مفاوضات مع الأسرى، وعلى رأسهم مروان البرغوثي، ونتيجة ذلك، فهو يسهم في مفاقمة الأزمة ويحرّض الجمهور الفلسطيني.
من جانب آخر، وفي كلمة لمناسبة ذكرى النكبة، حذر الأمين العام لـ«حركة الجهاد الإسلامي» رمضان شلّح العدو من استمراره «في غطرسته بما يعرّض حياة أسرانا للخطر. ونحن لن نقف مكتوفي الأيدي أو نتركهم فريسة الموت نتيجة عناد الصهيونية العنصرية... لنا في المقاومة كلمتنا وخياراتنا المفتوحة وكفى». كذلك، انتقد شلّح قرارات السلطة الفلسطينية باقتطاع جزء من رواتب الموظفين في القطاع، قائلاً: «قطاع غزة برميل بارود على وشك الانفجار، وإذا انفجر فلن يبقي ولن يذر».

هدّدت «الجهاد الإسلامي» بأن للمقاومة كلمتها بشأن إضراب الأسرى

من جهة ثانية، شدد على أن حركته لن تعترف بإسرائيل، مضيفاً: «إننا في حركة الجهاد سنبقى متمترسين عند خيار التحرير الكامل لفلسطين. لن نلقي السلاح ولن نعترف بالوجود الصهيوني على أي شبر من فلسطين»، وذلك بعد أيام على إعلان «الجهاد الإسلامي»، على لسان نائب الأمين العام، زياد النخالة، رفض الحركة جزءاً ممّا ورد في وثيقة حركة «حماس» السياسية، خاصة الجزء المتعلق بوجود «توافق وطني مشترك» على القبول بدولة على حدود 1967.
وتقول مصادر في المقاومة، إن التصعيد في كلمة شلح بشأن الأسرى والأوضاع في غزة، جاء بالتنسيق مع «حماس»، خاصة أن لدى الطرفين اقتناع بأن إضراب الأسرى، الذي يقترب من شهر رمضان دون نتائج واضحة، يحتاج إلى «إسناد خارجي كي ينجح».
وتضيف تلك المصادر أن الأسرى فعلوا ما في وسعهم، ومعنوياتهم عالية رغم الانهيار الجسدي الذي أصيبوا به بسبب 29 يوماً من الإضراب المتواصل، لكن الإسرائيليين يبدون هذه المرة أكثر إصراراً على إحباط الإضراب، وهو ما يتطلب ــ في ظل ركود الشارع وضعف الانتفاضة ــ المزيد من الضغط عربياً ودولياً، أو على الأقل فلسطينياً.
بعد كلمة شلّح، نشرت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد»، فيديو بعنوان «لا تختبروا المقاومة»، ضمّ مشاهد لمسؤول «شعبة العمليات» في جيش العدو نيتسان ألون وهو في مرمى بندقية قناص، ملمّحة إلى أن ألون كان في مرمى نيران البندقية خلال جولة على حدود قطاع غزة.