سيناء | رغم حرارة الطقس المتزامنة مع شهر رمضان والأجواء الصحراوية في سيناء، تجري على قدم وساق عمليات التحصين حول مواقع عسكرية في مدن شمال سيناء، وخاصة الكتيبة العسكرية «101» شرق مدينة العريش. تظهر هذه التحصينات أنه لا أمل في صد العمليات التفجيرية التي تشنها «ولاية سيناء»، ولكنها على الأقل قد تضمن عدداً أقل من الخسائر، إذ تتضمن إنشاء سور بألواح إسمنتية على شكل أقواس ارتدادية أمام السور الاساسي للكتيبة.
والكتيبة «101» هي أكبر مقر عسكري في سيناء، إذ يقع في مربع تأمين بالغ التعقيد والتحصين وداخلها مقر الحاكم العسكري للعريش، ومقر قائد العمليات العسكرية للجيش الثاني الميداني في شمال سيناء. كذلك تضم الكتيبة أكبر وأهم المعدات والآليات العسكرية من مدرعات ومصفحات وقواعد صواريخ، كما تحوي قاعدة جوية عسكرية، وفي داخلها مركز تحقيق تابع مباشرة لعمليات الجيش الثاني، ويتهم شعبياً بأنه «مقر للتعذيب وأسوأ سجن عسكري».
ووفق مصدر أمني ــ رفض ذكر اسمه ــ فإن الألواح المخصصة تجلب من ميناء بورسعيد البحري، ولكنه لم يرغب في كشف مصدر صناعة هذه الألواح، إن كانت في مصر أو خارجها. ومن المقرر أن يمتد السور الجديد لقرابة 1800 متر بطول واجهة الكتيبة «101» على الطريق الذي يربط بين ديوان محافظة شمال سيناء ومطار العريش، وتحديداً بمواجهة مساكن حي الرائد العربي وضاحية السلام. ويقدر المصدر أن تكلفة التحصينات الجديدة تكلف ستة ملايين جنيه (نحو 750 ألف دولار) من الخزينة العسكرية، يجري إنفاقها رغم أنه أقيم سابقاً سور خرساني بارتفاع ثلاثة أمتار، ثم تم تعديله عقب الهجمات الأخيرة على مقر الكتيبة بداية العام الجاري على يد «ولاية سيناء».
وكانت الهجمات على المقار العسكرية، وخاصة في العريش، قد تركت «جرحاً كبيراً» في جسد الجيش المصري وهيبته، والذي ظل يعلن تكبيده المسلحين خسائر كبيرة، ولكنه في المقابل كان يخسر في بعض الهجمات ما لا يقل عن ثلاثين عنصراً، وفي ضربة واحدة بعشرة أطنان من المتفجرات خسر قائد الكتيبة 101 والحاكم العسكري ورئيس عمليات الجيش الثاني الميداني وأصيب نحو 55 آخرين. كذلك أحرجت تلك العمليات الجيش وأظهرت التقصير الشديد للأجهزة السيادية في جمع المعلومات، وخاصة في ظل تمركز قوات معززة بالآليات العسكرية في مناطق شرق العريش التي انطلقت منها الهجمات.
وعملياً، تأتي هذه التحصينات في ظل تهديدات أطلقتها قيادات «ولاية سيناء» بأنها تجهز خلال رمضان لعملية كبيرة تستهدف مقار حيوية وأمنية في العريش. وجاء في بيان للتنظيم على موقع «تويتر» أن «ولاية سيناء» تخبر «قادة جيش الردة بأنها تعدكم قريباً بصولة الأنصار رقم 5 التي يجري التجهيز لها من أشهر، وسيكون التنفيذ خلال شهر رمضان المبارك».
يقول الخبير العسكري عماد الدين بدوي إنه لدى «التنظيمات الجهادية قاعدة، والمستبعد الهجوم عليه هو الأسهل في التنفيذ»، مشيراً إلى أن «الأماكن الشديدة الحراسة، والتي لا يمكن استهدافها عن طريق الاشتباكات المباشرة، يصير التعامل معها باللجوء إلى خيار السيارات المفخخة». أما إذا كان المقر المستهدف شديد التحصين مثل الكتيبة 101، فإنه يتوقع أن يكون الهجوم بأكثر من سيارة انتحارية في اتجاهات مختلفة، وهذا «ما يخشاه القادة العسكريون»، ومن هنا تظهر أسباب إجراء هذه التحصينات الجديدة أمام الكتيبة، حتى إذا جرى استهدافها بسيارات مفخخة تكون هذه الألواح القوية كمصدات امتصاصية لقوة الانفجارات».
ولكن الخبير العسكري لم يتحدث عن خيار الأنفاق الذي قد تكون «ولاية سيناء» تقصده، ولا سيما أن بيانها لمّح إلى أن الإعداد لهذه العملية يجري من أشهر. وكذلك يتزامن إنشاء التحصينات أمام الكتيبة مع تكثيف الحراسة وتعزيز القوات والمدرعات في الشوارع المحيطة، إضافة إلى نشر قوات مسلحة تسليحاً حديثاً فوق أسطح البنايات المواجهة للكتيبة، مع تسيير دوريات مشتركة بين الجيش والشرطة في المربع الامني الذي يضم الكتيبة ومديرية الأمن والديوان العام للمحافظة.
وكان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد محمد سمير، قد أكد قبل أيام أن القوات المسلحة أحبطت عملية إرهابية ضخمة كان عناصر «ولاية سيناء» يجهزون لتنفيذها في العريش. ورغم أنه لم يذكر تفاصيل العملية المشار إليها، قال إنه «تم قتل 22 عنصراً وإصابة 30 آخرين خلال تدريباتهم على تنفيذ العملية ضد أحد أهم المقار العسكرية في العريش».