شغّلت إسرائيل نفسها أمس وقيادات درزية فلسطينية موالية، في معالجة تداعيات «حادثة الإسعاف» في الجولان واحتوائها، ودفع «الغليان» الدرزي إلى الانكفاء، بعد أسابيع من احتجاجات ومسيرات شهدتها البلدات الدرزية في الجولان والجليل المحتلين، تنديداً بمساعدة إسرائيل للمسلحين في سوريا.
الجهد الأكبر أوكل إلى القيادات الدرزية الموالية لتل أبيب، وفي مقدمتها الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة، الشيخ موفق طريف، ونائب وزير التعاون الإقليمي عضو الكنيست، أيوب قرا، وغيرهما من القيادات، الذين تباروا للتنديد بـ«الجريمة الوحشية»، مؤكدين أنهم سيحرصون على منع تكرار حوادث من هذا القبيل، وهددوا باتخاذ إجراءات عقابية بحق كل من يعمل على ما سمّوه التحريض. وفي لقاء خاص في مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية، جمع بنيامين نتنياهو ووفد قيادي درزي برئاسة الشيخ طريف، هدف بحسب الإذاعة العبرية إلى البحث في السبل الكفيلة بمنع تكرار حادثة «الإسعاف» في الجولان، أكد طريف أن «الطائفة كلها موحدة وستعمل ضد المخلين بالقانون في الجليل والجولان». وبحسب الإذاعة أيضاً، أكد الجانبان في اللقاء لتوافق التام والدعم الكامل للسلطات الأمنية وإدانة شديدة للمخلين بالأمن.

عمدت السلطات
إلى إخلاء مستشفى «زيف» في صفد من الجرحى السوريين

وأكد طريف أن الطائفة الدرزية تحركت لاحتواء الحادث ومنع تكراره، مشيراً إلى أن كل القادة الدينيين للطائفة وكل مسؤولي السلطات المحلية وأعضاء الكنيست (من الدروز)، اجتمعوا وأدانوا ما جرى، فـ«نحن جزء من الجيش الإسرائيلي ولن نساعد من يهاجم الجنود، وهذه ليست طريقنا وليست ثقافتنا».
أما لجهة «حماية الدروز في سوريا»، فأشار طريف إلى أن الوضع خطير ونحن قلقون على إخوتنا هناك، و«هناك توجه لدى دول خارجية، مثل الولايات المتحدة، بإمكانها أن تقوم بالمساعدة إذا اقترب الخطر من إخواننا في سوريا، لكننا لم نطلب من إسرائيل أن تتدخل في الشأن الداخلي السوري».
بدوره وجه نتنياهو في اللقاء كلمة لدروز فلسطين المحتلة، حرص فيها على عدم إثارتهم والتشديد على «الأخوة والمساواة» معهم وعلى رشوتهم، قائلاً: «لقد نجحنا في الحفاظ على إسرائيل خارج الفوضى السائدة من حولنا، فعلنا ذلك وكنا نعمل بحكمة، وهذا هي سياستنا وستبقى كذلك. وأريد أن أقول كلمة شخصية للطائفة الدرزية، أنا أعرف هذه الطائفة وأعمالها ومساهمتها لإسرائيل عموماً وللأمن خصوصاً، وقد عبّرت عن هذا في الفترة الأخيرة عبر تخصيص مليارَي شيكل (570 مليون دولار) كتعبير عملي لهذا التقدير، وأنا أطلب أن نعمل معاً كما فعلنا حتى اليوم، من أجل ضمان أمن إسرائيل والعمل النظامي للجيش وللأذرع الأمنية في كل المجالات».
إلا أن ما لم يرد على لسان نتنياهو، ورد على لسان وزير الأمن، موشيه يعلون، الذي أكد أمس أن إسرائيل لن تسمح لـ«هذه الجهة أو تلك» بجرها إلى «الحرب الأهلية» الدائرة في سوريا، مشيراً إلى أن «الاعتداء» على سيارة الإسعاف العسكرية وعلى الجريحين السوريين في الجولان، هو حادث لا يمكن تحمله، وجاء نتيجة لإثارة المخاوف التي تقوم بها بعض الجهات العديمة المسؤولية في الطائفة الدرزية. وأضاف أن «إسرائيل تتفهم قلق الدروز على مصير إخوانهم في سوريا، ولكنها تنتهج سياسة مسؤولة إزاء التطورات المتعلقة بالأزمة السورية». وأكد في المقابل أن إسرائيل ستواصل «العمل الإنساني»، أي إنها ستستمر في دعم المسلحين، و«لن نسمح لأي جهة تخرق القانون بإملاء سياستها علينا».
وعلى خط آخر، عمدت إسرائيل إلى شنّ حملة اعتقالات في صفوف الشبان الدروز في بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، وفي بلدة حرفيش في الجليل. وبحسب بيان صادر عن الشرطة الإسرائيلية، اعتقل في مجدل شمس خمسة شبان دروز اتُّهموا بالتعرض لسيارة الإسعاف العسكرية وقتل جريح سوري وإيذاء الجنود المرافقين له، بينما اعتقلت الشرطة أربعة شبان آخرين من حرفيش، اتهموا بالتعرض لسيارة إسعاف أخرى على مدخل البلدة ورشقها بالحجارة.
ورغم الضغوط وحملة الاعتقالات ورفع القيادات الدرزية الغطاء عن كل من يقوم بـ«التحريض»، إلا أن تقدير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا يستبعد تكرار حادثة الإسعاف، بل وأيضاً اقتحام المستشفيات الإسرائيلية التي تعالج المسلحين، الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ إجراءات خاصة، في محاولة مها لتجنب هجمات جديدة على قوافل الجرحى القادمين من سوريا.
وأشارت القناة العاشرة إلى أن الجيش الإسرائيلي استخلص عِبَر عملياته وسيعمد إلى تطبيقها، وسيحرص على مواكبة سيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى بحماية خاصة من الشرطة العسكرية، خاصة خلال عبورها للبلدات الدرزية، ما لم يمكن تجنب الدخول إليها. وأشارت القناة إلى أن السلطات المختصة عمدت أيضاً إلى إخلاء مستشفى «زيف» في صفد من الجرحى السوريين، حيث يؤكد الدروز أن جرحى «جبهة النصرة» يعالجون فيه. وبحسب القناة، نقل الجرحى من زيف إلى مستشفى «رامبام» في حيفا وإلى آخر في نهاريا، مع حراسة خاصة جداً للأقسام الموجودين فيها، إذ إن «المؤسسة الأمنية تخشى محاولة الوصول إليهم (في مستشفى زيف) والتعرض لهم».