الجزائر | تطابق إيراني ــ جزائري بدا واضحاً أمس، بعد وصول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى العاصمة الجزائرية ولقائه وزير الشؤون الأفريقية والعربية عبد القادر مساهل. وفي أول تصريح، قال ظريف إنّ البلدين يتفقان على مبدأ «احترام أراضي وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والسعي إلى الحوار والتوصل إلى الحلول السلمية للنزاعات والخلافات».
وأوضح ظريف أنّ اللقاء تطرق إلى «القضايا الإقليمية، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف»، مشيراً إلى أنّ المحادثات كانت «جيدة وبناءة». ولفت إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين «متينة جداً» في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية، مؤكداً في الوقت نفسه وجود «مشاورات دائمة، وحوار مستمر» بخصوص مختلف القضايا. وفي السياق، أكد الوزير الإيراني تطابق رؤى البلدين في هذه الملفات، علماً بأن الجزائر تُلزم نفسها بمبدأ صارم يقضي برفض التدخل في شؤون الدول أو الزج بجيشها في حروب خارج الحدود.

تشكّل الجزائر محطة
أولى في جولة ظريف
الإقليمية

وفي إشارة مباشرة إلى الأزمة الخليجية الراهنة، قال وزير الخارجية الإيراني إنه «بالنظر إلى وجود تطورات إقليمية ودولية، فإننا نحتاج إلى التشاور مع الجزائر التي تشكّل أول محطة لزيارتي للمنطقة». وتابع أنّ ثمة «سياسة تشاور بين الجزائر وإيران على الصعيد الدولي، وكذلك في ما يتعلق بتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية ودول عدم الانحياز».
وترتبط الجزائر بعلاقات قويّة مع إيران في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي، الأمر الذي انعكس أمس، من خلال عرض التعاون المصرفي والاقتصادي والطرق الكفيلة بتفعيله ودفعه نحو الأمام. وكان البلدان قد استعادا علاقاتهما الدبلوماسية عام 2000، بعد فترة قطيعة بدأت في عهد الرئيس محمد بوضياف (رئيس المجلس الأعلى للدولة)، وذلك إثر اتهام دبلوماسيين إيرانيين بإجراء اتصالات مع «الجبهة الإسلامية للإنقاذ». وبعد إعادة العلاقات في عهد الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، فإنّ مسارها يتطور، بحيث أصبحت الجزائر الشريك الأول لإيران في «المغرب العربي».
من جهة أخرى، ذكر الوزير عبد القادر مساهل أن لقاءه ظريف تضمن «تقييم آليات التعاون الثنائي، ومناقشة الأوضاع الراهنة في العالمين العربي والإسلامي»، مضيفاً أنه تضمن أيضاً عرض موقف الجزائر بخصوص ما يجري في الشرق الأوسط. وقال مساهل: «حتى وإن تعلق الأمر بالوضع في سوريا أو ليبيا أو العراق، فنحن ننطلق دائماً من موقف واضح هو أن الحلّ يتم داخلياً بين المعنيين مباشرة دون أي تدخل أو ضغط سياسي من الخارج».
ورأى الباحث الجزائري عدة فلاحي، أنّ زيارة جواد ظريف تأتي في إطار مساعي الجزائر «لحلحلة الوضع في المنطقة». وقال إن إيران «مهتمة كثيراً» بالموقف الجزائري، كونه ينسجم مع رؤيتها أنّ الصراع الإقليمي «ليس طائفياً»، وإنما هو «صراع وخلاف سياسي له علاقة بالسيادة وبقضية فلسطين وبمقاومة إسرائيل». وأضاف فلاحي أن «هذا المشهد هو في مصلحة إيران، وتريد أن تستثمره في منطقة دول المغرب العربي التي ظهرت بأنها متحرّرة من الهيمنة السعودية ولا تنساق خلف (قرارات) إدراج حزب الله وحماس والمقاومة في دائرة الإرهاب».
وتحمل زيارة جواد ظريف للجزائر واختيارها كأول بلد في جولته الإقليمية، دلالات كبيرة، وخاصة أن الجزائر كانت قد استقبلت في نهاية الأسبوع الماضي شخصيات دبلوماسية وازنة على علاقة مباشرة بالأزمة الخليجية، على غرار وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة قطر سلطان المريخي، والمستشار في وزارة شؤون الرئاسة لدولة الإمارات، وذلك في إطار مساع تبذلها الجزائر لاستعادة الحوار بين دول الخليج، فيما عبّر الوزير القطري عن «الامتنان» للجزائر، واصفاً موقفها بـ«المشرف، كونها أول بلد يصدر بياناً يدعو الى الحوار، وهو ما نسعى إليه مع العديد من الدول الشريفة في المنطقة».
وتملك الجزائر علاقات جيدة مع مختلف أطراف الأزمة في الخليج، وهو ما يؤهلها وفق مراقبين «للعب دور في رأب الصدع»، إلا أنّ هناك من يشكك في قدرتها على أداء وساطة، «بسبب ظروف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الصحية». وعُرفت الجزائر في سنوات السبعينيات والثمانينيات بأداء وساطات في عدة نزاعات، كان أشهرها حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران.