على الرغم من دخول الأزمة الخليجية أسبوعها الثالث، أكدت الإجراءات والتصريحات المتبادلة يوم أمس، أن «عزلة» قطر قد تطول وأن لا حلّ في الأفق للأزمة التي هزّت المنطقة وقطعت الحبل الواصل بين «الإخوة الأعداء». وبعد الحرب الدبلوماسية والإعلامية المتواصلة، انتقلت الأزمة إلى خطٍّ آخر أمس، مع استعراض الدوحة مع حليفها التركي «عضلاتهما» من خلال تدريبات عسكرية أجرتها القوات القطرية مع القوات التركية الموجودة في قطر.
واستكمالاً للعزلة الجوية والبحرية والبرّية التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين على قطر، أعلنت الرياض أمس، إغلاق منفذ سلوى البرّي، وذلك بعد انتهاء مهلة الـ14 يوماً التي حددتها لمواطني قطر لمغادرة أراضيها. وبإغلاق هذا المنفذ، تكون قطر قد عُزلت بصورةٍ نهائية عن محيطها، لكونه المنفذ البرّي الوحيد للإمارة الخليجية.
وعلى مستوى التصعيد السياسي الذي لم تخفُت حدّته بعد، مثّلت تصريحات وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، مادة كافية لتلمّس مسار النزاع الخليجي ومستقبله، حين قطع الطريق على أي احتمال بتسوية قريبة. فقرقاش قال من باريس أمس، إن عزلة قطر «قد تستمرّ لسنوات»، وإنها لن تنتهي إلا حين تغيّر الإمارة الخليجية سياستها.

أنور قرقاش من
باريس: عزلة قطر قد تستمرّ لسنوات

وقد أكد قرقاش في لقاء مع صحافيين في باريس أن بلاده وحلفاءها «يراهنون على الوقت ولا يريدون التصعيد بل عزلها (قطر)». وأوضح أن الدوحة «بَنَت منصة متطورة من الدعم المالي والسياسي والإعلامي للإسلاميين المتطرفين وآوت العديد من قياداتهم»، مشدداً على وجوب أن تعدل قطر دعمها لهؤلاء وأن تغير سياستها حتى تُحلّ الأزمة.
وبشأن التحركات التركية، قال إن هناك خطراً يتمثل في محاولة إيران وتركيا سد الفراغ الناجم عن الخلاف، ودعا أنقرة إلى «التزام الحياد»، مشيراً إلى أن تركيا تحاول الموازنة بين تعصبها الأيديولوجي ومصالحها الوطنية.
وفي هذا السياق، بثّت قناة «الجزيرة» القطرية مقطعاً مصوراً أمس، يُظهر تحركاً لحاملات الجنود المدرعة وسط الشوارع، مشيرةً إلى أن «قوات تركية إضافية وصلت إلى قطر يوم الأحد، للمشاركة في التدريبات»، غير أن وكالة «رويترز» قالت إن العملية تشارك فيها قوات تركية موجودة بالفعل هناك، ولم ترسل تركيا أي وحدات عسكرية جديدة. وكان البرلمان التركي قد أقرّ عقب اندلاع الأزمة الخليجية تشريعاً جرى التعجيل بالتصديق عليه، يتيح إرسال مزيد من القوات إلى قاعدة عسكرية في قطر تضم نحو 90 جندياً تركياً بمقتضى اتفاق وُقِّع في 2014. وقالت تركيا إنها ستنشر ثلاثة آلاف جندي في القاعدة التي ستكون أساساً بمثابة موقع للتدريبات المشتركة.
وكان قرقاش قد دعا الغرب إلى وضع «آلية مراقبة» للتحقق من أن الإمارة ستلتزم تعهداتها السياسية. وقال: «الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أو ألمانيا لها ثقل سياسي وخبرة تقنية تخولها وضع مثل هذه الآلية»، علماً بأن قرقاش يرافق ولي عهد الإمارات محمد بن زايد إلى لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم غد.
على خط موازٍ، التقى ابن زايد، أمس، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، التي وصلها في زيارة لم تُعلَن مسبقاً. وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن الجانبين أكدا مواصلة التنسيق والتشاور المستمر حول أزمات المنطقة المختلفة، «وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تشهدها المنطقة، وتتعاظم فيها التحديات التي تهدد أمنها واستقرارها»، كذلك شددا على أهمية «مضاعفة الجهود الإقليمية والدولية في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله، واجتثاثه من جذوره، وتجفيف منابعه ومصادر تمويله وملاحقة عناصره»، في تصريحات فُهم منها نية الطرفين تصعيد الهجوم على قطر.
من جهتها، رفضت الدوحة الحديث عن أي مفاوضات قبل «رفع الحصار» على رغم تأكيدها أنها لم تتلقَّ بعد أي مطالب من السعودية والإمارات والبحرين. وقد وصف وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن، قطع العلاقات مع الدوحة بـ«الإجراءات العدائية»، مشترطاً رفعها قبل المباشرة بالمفاوضات. وقال متحدثاً لصحافيين في الدوحة: «نريد أن نوضح للجميع أن المفاوضات يجب أن تجري بطريقة حضارية وأن تقوم على أسس قوية وليس تحت الضغط أو تحت الحصار»، مضيفاً أنه «ما دامت قطر تحت الحصار، فلن تكون هناك مفاوضات».
بدوره، رأى سفير قطر لدى واشنطن مشعل حمد آل ثاني، أن حملة المقاطعة التي شنتها بعض الدول الخليجية والعربية على بلاده «لا تتعلق بالإرهاب، بل الأمر يتعلق باستقلال قطر، الذي يراه البعض تهديداً لهم»، متهماً أبو ظبي بـ«تسهيل غسل الأموال للجماعات الإرهابية». وخاطب آل ثاني، في مقال نُشر الاثنين في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، نظيره الإماراتي يوسف العتيبة، بأنه «يتعين على السفير العتيبة أن يدرك أن الأمم المتحدة ووزارة الخزانة الأميركية تتهمان أكثر من 10 أضعاف من المشتبه في أنهم إرهابيون أو يمولون إرهابيين من البلدان المقاطعة لقطر مقارنة بالدوحة ذاتها».
(الأخبار)