مساران منفصلان، واحدٌ قضائي وآخر سياسي، تسلكهما قضية تيران وصنافير منذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية قبل أكثر من سنة. إلا أن كل الوقائع التي شهدتها تلك الفترة، خصوصاً المستجدات الأخيرة حول القضية، تُظهر أن الغلبة ستكون للمسار السياسي، على الرغم من كل القرارات القضائية التي أثبتت مصرية الجزيرتين، والتي كان آخرها قراراً يثبت مصرية الجزيرتين مرة جديدة.
فقد أصدرت محكمة مجلس الدولة، أمس، حكماً يقضي بعدم الاعتداد بكل أحكام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بشأن قضية تيران وصنافير، ما يفترض أنه يعني الاستمرار في تنفيذ أحكام القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا بشأن بطلان الاتفاقية بين القاهرة والرياض. ولكن على الرغم من هذا القرار الذي مثّل بارقة أمل في القضية التي أثارت غضب الشارع المصري بعد تمرير الاتفاقية في البرلمان قبل أسبوع، علمت «الأخبار» بأن هناك توجهاً رئاسياً لإقرار الاتفاقية لتصبح نافذة بشكلٍ نهائي قبل عيد الفطر في نهاية الأسبوع الحالي، ليُقفل الملف رسمياً، من دون أن تنتهي آثاره على المستوى الشعبي. وبحسب مصادر رئاسية، هناك احتمال أن يتبع الإقرار الرئاسي للاتفاقية «احتفالية كبيرة يحضرها الملك سلمان بن عبد العزيز الذي من المتوقع أن يزور القاهرة قريباً»، من دون أن تحدد المصادر التي تحدثت إلى «الأخبار» موعداً لهذا الحدث. على خطٍّ موازٍ، وفي حال تسليم الجزيرتين للرياض بشكلٍ رسمي ونهائي، ستدخل المملكة جزئياً في معاهدة «كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل، إذ إن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية تقضي بنقل جميع الالتزامات المترتبة على مصر في هاتين الجزيرتين، بناءً على «كامب ديفيد»، إلى السعودية.

الحكم الجديد
يعني أن تمرير الحكومة والبرلمان للاتفاقية باطل


وأوضح رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشعب المصري، كمال عامر، أن الجزيرتين صُنّفتا في المعاهدة ضمن المنطقة (ج)، ودخلت قوات متعددة الجنسيات إلى هاتين الجزيرتين من دون دخول قوات مصرية إليهما حتى الآن، ومع تسليمهما إلى السعودية ستنتقل التزامات المعاهدة تجاههما إليها.
على المستوى القضائي، شرح الناشط الحقوقي والمحامي الذي يتصدّر الدفاع عن مصرية الجزيرتين، خالد علي، أن الحكم الصادر أمس يؤكد بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، ويعيد النزاع إلى جوهره القضائي برأيه. فحكم القضاء الإداري أكد بطلان الاتفاقية ومصرية الجزيرتين، وهو ما أيّده حكم المحكمة الإدارية العليا. هذان الحكمان، وفقاً لعلي، يعنيان أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء أو مجلس النواب توقيع أي اتفاق يتضمن تنازلاً عن الأرض، وأن التوقيع إن حدث يصبح باطلاً.
وذكّر علي، عبر موقع «فايسبوك»، بأنه بعد هذين الحكمين، لجأت الدولة إلى محكمة الأمور المستعجلة لإبطالهما، حتى تستطيع تمرير الاتفاقية. لكن قرار يوم أمس، الذي «أبطل الإبطال»، هو المدخل الوحيد لإلغاء الاتفاقية، على الرغم من تمريرها في البرلمان والحكومة وقريباً من قبل الرئاسة، كما هو متوقع.
(الأخبار)