نشر موقع ويكيليكس، يوم أمس، وثائق أميركية خاصة بتسليح واشنطن وتدريبها للجيش اليمني بين عامي 2009 و2015، أي في السنوات "الساخنة" في اليمن التي شهد خلالها أحداثاً سياسية وعسكرية كبرى، أهمها وآخرها حرب التحالف السعودي التي لا تزال مستمرة حتى الآن.
ومعروف أن الولايات المتحدة تدعم الجيش اليمني وعملت معه ضمن استراتيجية موحّدة تحت عنوان "مكافحة الإرهاب" منذ عام 2002، مكّنت القوات الأميركية من المكوث في اليمن بين عامي 2002 و2015، ولا تزال تحت رايتها تنفذ الطائرات الأميركية من دون طيار عمليات ضد تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب".
وتضمنت الوثائق التي نشرها الموقع، 500 وثيقة من مراسلات السفارة الأميركية في صنعاء، منها رسائل مكتوبة صادرة عن مكتب التعاون العسكري التابع للسفارة، وأخرى عبارة عن رسائل إلكترونية صادرة عن موظفي السفارة، تحتوي على ما هو إجرائي وأخرى فيها مضامين سياسية. وتعود هذه الوثائق إلى الفترة التي كانت هيلاري كلينتون تشغل فيها وزارة الخارجية الأميركية (2009 ــ 2013)، ثم الفترة الأولى من ولاية خلفها جون كيري.
ويتضمن الملف اليمني أدلة على تسليح وتدريب وتمويل واشنطن القوات المسلحة اليمنية قبل اندلاع الحرب، وقبل أن يُقسّم هذا الجيش إلى جيشين: واحداً يوالي الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، وآخر متحالفاً مع "أنصار الله"، يوالي الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وأظهرت الوثائق بيع واشنطن للقوات اليمنية أسلحة وطائرات وسفن ووسائل نقل عدة، وأقامت برامج تدريب لهذه القوات. ففي وثيقة تعود إلى شباط 2014، يعرض العقيد راندولف روزن، كبير ممثلي وزارة الدفاع الأميركية، والملحق العسكري في اليمن، على وزير الدفاع اليمني آنذاك، علي الأشول، 12 طائرة حربية (ACA-9) بقيمة تقديرية وصلت إلى 400 مليون دولار، و8 طائرات حربية (ACA-16)، بالقيمة التقديرية ذاتها، وغيرها من القطع البحرية والبرية التي تقدّر قيمتها مجموعةً بـ138,500,000 دولار أميركي.
وفي الجانب العسكري أيضاً، تضمنت وثيقة صادرة بتاريخ 1 آب 2014 عن المكتب التعاون العسكري التابع للسفارة الأميركية في صنعاء، مخططاً لتقديم دعم أمني شامل للقوات اليمنية ، فيما قدمت وثيقة صادرة عن الجهة نفسها بتاريخ 28 تموز 2013 دراسة مقترحة للقوات الخاصة، حول مكافحة سلاح الجو للإرهاب.
وتظهر وثيقتان ، استفساراً تقدم به روزن، حول متى وكيف وصلت بعض المعدات العسكرية الأميركية المرسلة إلى اليمن، موضحاً أنه سبق له العمل على ملف إرسال المساعدات العسكرية الأميركية، لكنه أوقف إرسالها إلى اليمن بسبب عدم وجود سجلات حول توريد تلك المعدات، ضمن سجلات وزارة الدفاع الأميركية. وشرح روزن أن وكالة التعاون الأمني والدفاعي الأميركية لن تقدم على إرسال معدات عسكرية "قبل أن تعرف متى وكيف وصلت تلك المعدات لديكم". وقد أوضح روزن أنه أبلغ مراراً أنها عبارة عن هبات ومساعدات قدمتها السعودية، ولكنه أصر على أن يعرف تفاصيل إضافية عن الأرقام التسلسلية لتلك المعدات، وتاريخ وصولها إلى اليمن، ومن أي بلد قدمت، وشروط وظروف عملية نقلها إلى البلاد، وأي وثائق، ولا سيما تلك المتعلقة بوجود طرف ثالث أو ما شابهها. والغريب أنه في مقطع ثانٍ يقول فيه الملحق العسكري أنه ليس لديه علم إذا ما كانت هذه المعدات قُدِّمَت لليمن بموافقة أميركية أو لا.

تعود معظم هذه الوثائق إلى الفترة التي كانت هيلاري كلينتون تشغل فيها وزارة الخارجية

وتكشف هذه الوثيقة وغيرها كذلك، عن حجم المتابعة والمراقبة الأميركيتين لليمن والحياة السياسية فيه، وتتبع كل ما تنشره الصحف والمواقع، التي تصنف على أساس عدائها أو ولائها للحوثيين، ووجود تقارير دائمة عن مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي قسم الرسائل الإلكترونية، في الفترة الممتدة بين أيلول 2014 وتشرين الأول من السنة نفسها، تبادل مسؤولون عسكريون أميركيون في اليمن ومسؤولون من السفارة في صنعاء في ما بينهم، وبينهم وبين مراكز قياداتهم في اليمن، تقارير إعلامية وعن مواقع التواصل الاجتماعي ترصد ردود أفعال صحافيين أو ناشطين حول الأحداث الحاصلة في البلاد في ذلك الوقت على «تويتر» أو«فايسبوك»، لا تخلو من السخرية والعنصرية إزاء اليمنيين.
فعلى سبيل المثال، في إحدى الرسائل التي بعثها رائد في الجيش الأميركي يدعى ماثيو فنست إلى زميل له، يقدم فنست نصائح إلى زميله بكيفية التعامل مع اليمنيين قبيل رمضان وعيد الفطر، قائلاً إن «عليك أن تتوقع في الأسبوع الأول بعد العيد أن اليمنيين سيكونون كسولين، حيث إنهم في هذا الوقت يبدأون بالعودة إلى طبيعتهم بعد رمضان... وستخف إنتاجية التدريب كلما طال النهار أكثر» .
وفي بريد إلكتروني معنون «مخططات الحوثيين لهذا المساء في صنعاء» في 4 أيلول 2014، يكتب المرسل أن الحوثيين وزّعوا بيانات يدعون فيها سكان صنعاء إلى الوقوف على أسطح منازلهم وأن يصرخوا بأنهم يريدون من الحكومة أن تغادر، ونوه مرسل البريد الإلكتروني بأنهم بذلك يأملون أن يظهر هذا الحدث بأنهم «في كل أرجاء المدينة» .
بريد مماثل مرسل في 12 تشرين الثاني 2014 يضيء مرسله على منشور على موقع «فايسبوك» على صفحة «أنصار الله»، ويحدد البريد أن الصفحة تمتلك 36 ألف معجب، متابعاً أن المنشور في اللغة العربية «يدعي أن وزارة الخارجية الأميركية قد طلبت من السفارة الأميركية في صنعاء خفض عدد موظفيها وطلبت من مواطنيها مغادرة اليمن». ويحدد في البريد أن المنشور نال 180 إعجاباً، و26 نشراً، وعدة تعليقات معظمها «تستنكر الوجود الأميركي في اليمن واستخدام الطائرات الأميركية» . ويرد أحد المرسل إليهم هذا البريد ساخراً: «180 إعجاباً فقط! صورة للقط الذي أملكه قد تحظى بإعجابات أكثر»، فيجيبه زميله: «لسخرية القدر، ونظراً إلى تناقص عدد المرشحين غير المرفوضين، فقد سمي قطك للتو وزير داخلية اليمن الجديد. لنرَ إذا ما سيوافق عليه الحوثيون».
(الأخبار)




في برقية مرسلة في 24 تشرين الثاني إلى الجنرال أحمد علي الأشول، أرفق الملحق العسكري في السفارة الأميركية في اليمن راندولف روزين، «الطلب لتولي شركة «KIG» مراقبة موقع (اللواء الثاني) التابع لسلاح الجو اليمني... كدعم لبرنامج الأمن البحري الموقع، للعام 2013». وكان «اللواء الثاني» من أول المواقع التي استُهدفَت في الغارات الأولى التي نفذتها الطائرات السعودية ضد أهداف في اليمن، ونقلت حينها المصادر المقربة من «عاصفة الحزم» أن الغارات دمرت كامل أسراب الطائرات المقاتلة والمروحية وطائرات النقل الجوي، واعتبرت أنه إنجاز قضى على «قوة الحوثي الجوية».

مراقبة اللواء الثاني ــ تدريب طيارات




في برقية مرسلة في 24 شباط 2014 إلى الجنرال أحمد علي الأشول، أرفق روزين الرد الرسمي حول طلب «وكالة التنسيق الدفاعي والأمني (DM-362-2014)»، طالباً تحويل البرقية إلى «مدير المشتريات، إلى قائد القوات الجوية»، لأخذها في الاعتبار.
وأشار إلى أنه بعد دراسة الطلب المقدم من «الوكالة»، اتضح أنه لا يمكن ضمان توافر مبالغ من «التمويل الخارجي العسكري» لدعم مروحيات الجيش اليمني (Mi-171Sh)». وأضاف أن «مدير البرنامج الخاص باليمن، الكولونيل تيموثي ماينارد، أن عديداً من النقاط يجب الإجابة عنها لإكمال التنسيق مع (فرع الطيران المروحي غير التقليدي في الجيش الأميركي). وإضافة إلى ذلك، يتطلب وجود تقويم تقني يمكن من دراسة الجدوى لدعم طلب سلاح الجو اليمني».
وتابع روزين أن «مكتب التنسيق العسكري ينتظر رد الجانب اليمني على رسالة (الوكالة)، وما إن يصل الرد سيجري التنسيق مع الأخيرة للمضي قدماً. ونظراً إلى التعقيد الذي يتضمنه الطلب اليمني، قد يكون من الأسهل استخدام تمويل محلي وطني لتلبية حاجة المروحيات، ورغم ذلك سيدعم مكتب التنسيق قرار قائد سلاح الجو اليمني». وفي الرسالة المرفقة، تطلب «الوكالة» من وزارة الدفاع اليمنية تقديم تفاصيل تقنية عن حالة المروحيات وطبيعة نشاطها والمهمات المطلوبة منها، إلى جانب البيئة التي ستعمل فيها، لتقدير المتطلبات اللازمة لإصلاحها ودعمها.

تمويل تصليح