القاهرة | على عكس خطوات الملك السعودي الراحل، عبد الله، التي ساهمت في إغلاق قناة «الجزيرة مباشر مصر»، في سبيل تحسين العلاقة بين مصر وقطر، وخاصة بعدما استزفت هذه القناة النظام في القاهرة، لم تتدخل الرياض لوقف فيلم وثائقي بثّته «الجزيرة» القطرية، يوم أمس، عن التجنبيد الإجباري في مصر.


هذا المشهد استدعى استنفاراً مصرياً على جميع المستويات جراء التأثيرات المعنوية للفيلم الذي رأى فيه المسؤولون أنه مسيء إلى الجيش من اللحظة الأولى لـ«البرومو» الدعائي، الذي بُثّ قبل أيام، في وقت صدر فيه بيان رسمي من الخارجية المصرية يستنكر بثّ الفيلم.
في موازاة ذلك، احتشد إعلاميون مصريون في مواجهة الفيلم القطري عبر برامجهم المختلفة. فبخلاف إظهار علامات التجنيس على الجيش القطري وانتقاد أعداده وتسليحه مقارنة بالمصري، انطلقت حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحمل إساءات إلى أمير قطر.


لم تتدخل السعودية أو الإمارات لتخفيف حدّة التوتر

ولم تأت الحملة من وسائل الإعلام ومواقع التواصل فحسب، بل تصدرتها أجهزة سيادية سمحت بتصوير يوميات الجنود في أسلحة متعددة، منها وحدات الصاعقة، بالإضافة إلى نشر فيديوهات مرتبطة بالرد على ما ورد في بثّ الجزيرة عن مصر منذ إطاحة حكم «جماعة الإخوان المسلمون».
ومن الواضح أن السماح ببث الفيلم عمّق الخلافات المصرية ــ السعودية التي باتت واضحة للجميع، فبرغم تواصل الخارجية المصرية مع نظيرتها السعودية على مستوى مساعدي الوزراء، لم «تتخذ الرياض أي خطوة جدية للتصدي للإساءات القطرية التي تصاعدت ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي والجيش المصري» خلال الأسابيع الماضية، وفق مصادر مطلعة، قدّرت أن الموقف السعودي مرتبط باستغلال ورقة ضغط غير مباشرة على القاهرة لتحسين العلاقات، علماً بأن وزير الخارجية المصرية، سامح شكري، لم يجر اتصالات مباشرة بنظيره السعودي منذ أسابيع.
في الوقت نفسه، تدرس الخارجية المصرية إجراءات مستمرة ضد الدوحة ربما تصل إلى طرد السفير القطري لدى القاهرة خلال الأيام المقبلة اذا لم يصدر موقف رسمي من الفيلم. كذلك، نقلت مصادر سياسية أن أمير الكويت كلف وزير خارجيته مراجعة الموقف مع الدوحة، لكن الاتصالات التي أجراها الأخير لم تصل إلى نتيجة كما يبدو، في وقت لوحظ فيه أن الإمارات، التي تدخلت من أجل تحسين علاقة القاهرة بالرياض دون نتيجة، لم تجر أي اتصال بالدوحة.
وتكمل المصادر أن شكري يدرس خطوات للرد على «التجاوز القطري غير المسبوق»، مستدركة: «رغم أن أخبارا وتسريبات كانت تصل الدوحة من داخل الجيش فإن التعرض لمسألة التجنيد الإجباري وتدريبات المجندين أمر ينال من هيبة الجيش، وخاصة في التوقيت الذي يتزامن مع انتقادات داخلية لاستمرار استشهاد المجندين في سيناء وارتباط ذلك بتعزيز الهجمات التي ينفذها تنظيم ولاية سيناء الإرهابي».