طيف خليل الوزير (أبو جهاد) يعود إلى تونس، ومعه صلاح خلف (أبو إياد)، وهايل عبد الحميد (أبو الهول)، وفخري العمري... أسماء القادة المقاومين الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل ــ مباشرة أو عبر عملائها ــ على أراضي تونس بين عامي 1988 و1991، وآخرون سقطوا في «عملية حمام الشط» عام 1985، عادوا إلى الذاكرة عقب اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري في مدينة صفاقس أول من أمس، في عملية باتت غالبية المعطيات المتوفرة حولها تؤشر إلى أنّ الجريمة موقّعة من قبل أجهزة العدو الإسرائيلي.
لم يعلن أحد بعد أنّ الزواري ينتمي إلى فصائل المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، لكن ما توفّر لـ»الأخبار» يدعم فرضية انتمائه إلى «كتائب القسّام»، ويلقي الضوء على قصص جيل، مغاربي، تنقّل أفراده بين دول عدة ليلتحقوا بصفوف المقاومين عند الخطوط الأمامية.
بين بيروت وتونس، كثر كانوا يتابعون تفاصيل العملية في الساعات الأخيرة، فالبعض كان يشير إلى التشابه بينها وبين عملية اغتيال القيادي في «حزب الله»، حسان اللقيس، نهاية عام 2013 في ضاحية بيروت الجنوبية، فيما كان آخرون يروون «تفاصيل انضمامه إلى القسّام».
لكن في ظل الغموض الذي يكتنف عملية الاغتيال، فإنّ رواية أخرى جرى تداولها تُشيع بأنّ المهندس التونسي يُعدّ «أحد الذين لعبوا أدواراً مهمة في عملية إرسال تونسيين إلى سوريا والعراق لينضموا إلى الجماعات الإرهابية»، مضيفين أنّ عملية اغتياله تندرج في سياق «تصفية الحسابات بين المسؤولين عن مجموعات تسفير التونسيين إلى سوريا والعراق عبر تركيا». ويدعم هؤلاء فرضيتهم بالإشارة إلى «علاقات الزواري بأجنحة متطرفة من حركة النهضة، سهّلت أو غضت الطرف عن عملية انضمام الشباب إلى الجماعات الإرهابية»!
هل بإمكان الأمن التونسي والأجهزة التابعة فضح الشبكات المسؤولة عن «عمليات التسفير» والفصل في مختلف روايات عملية الإغتيال؟ الأرجح، لا! ففي تونس، تتصاعد حدة النقاش راهناً حول أوضاع التونسيين الذين سيعودون من «داعش» وغيره من الجماعات الإرهابية إلى البلاد، وعن كيفية التعامل معهم، قانونياً ومجتمعياً، خاصة أنّ لتونس أعداداً كبيرة بين مقاتلي تلك الجماعات، نفذ بعضهم عمليات إرهابية داخل البلاد. وهو الواقع السياسي المعقّد الذي قد يمنع إعلان بعض الحقائق.
هكذا، تُحاصر تونس مجدداً اليوم، وهذه المرة بين المخاوف من «شبح العائدين»، وبين (تأكد فرضية) عدوان إسرائيلي جديد على أراضيها... فعساها أن تكون مخاض ولادة متجددة