«الاستراحة» التي أُجبرت عليها القوات العراقية المنتشرة في الأحياء الموصلية الشرقية، ومحيطها، قد يصعب تفسيرها بمعزل عمّا يجري في الجوار العراقي، من جهة، والانتقال الرئاسي في الولايات المتحدة، من جهةٍ أخرى. هذا، بالإضافة إلى التركيبة السياسية العراقية التي تختلف مكوّناتها على وجهة العمليات العسكرية.
تشير مصادر «الأخبار» إلى أن نظريتين متناقضjين تلخصان المشهد الميداني الموصلي. النظرية الأولى تقول إن «الولايات المتحدة تسعى إلى شراء الوقت»، بحيث تضغط على قيادة «العمليات المشتركة» (غرفة عمليات القيارة) لتأجيل «استئناف» الهجمات تحت حججٍ وذرائع شتّى، كـ«تغيير الخطط العسكرية، وإعادة ترتيب صفوف القوات».

تكشف إطالة
وقف العمليات ثُغَر القوات العراقية
أمام «داعش»
في المقابل، تؤكّد النظرية الثانية عزم قوات «الحشد الشعبي» على مواصلة العمليات العسكرية في الموصل وتلعفر، خصوصاً أن طهران تدعم بغداد لاستكمال عملياتها، والاستفادة مما جرى في سوريا عقب استعادة الجيش وحلفائه السيطرة على مدينة حلب.
وربط الأمين العام لـ«المقاومة الإسلامية ــ حركة النجباء»، أكرم الكعبي، بما يجري في الساحتين، العراقية والسورية، معتبراً أنّ «التزامن بين المعركتين في حلب والموصل حقّق حالة ردع وكسر لمعنويات العدو وصدمة كبيرة لداعميه»، داعياً إلى دخول «الحشد» على خط عمليات مدينة الموصل لحسم المعركة في أقرب وقتٍ ممكن.
وفيما تتنازع المكوّنات السياسية العراقية على تحقيق إحدى النظريتين، فإن بعض القوى تحاول ملء الفراغ وترتيب أوراقها لمرحلة «ما بعد الموصل»، معتبرةً أنها «شبيهةٌ لما يجري في سوريا، أي ما بعد حلب». ويسود مناخٌ في أروقة بغداد بأنه «في مقابل قبول واشنطن بالنفوذ الروسي في سوريا، فعلى موسكو، ومن خلفها طهران، القبول بالنفوذ الأميركي في العراق»، لكن هذا النفوذ «سيكون بالتراضي على خطّ واشنطن ــ طهران»، علماً بأنّ طرحاً كهذا رُفض في طهران منذ 2014.
وبناءً عليه، إلى أن تنتهي عملية انتقال الرئاسة في أميركا، من باراك أوباما إلى دونالد ترامب، وإعلان الأخير لخطّته في العراق، تنتظر العمليات العسكرية «إعادة إطلاقها»، وصافرتها ستكون «حُكماً بيد ترامب»، وفق مصدرٍ عراقي مطلع.
لكن، للميدان رأيٌ آخر. تؤكّد مصادر مقرّبة من قيادة «العمليات المشتركة»، أن «التثبيت الحالي في الأحياء الموصلية الشرقية، وفي محيط المدينة، ليس بالأمر الحسن، وسيرتد على القوات عاجلاً أو آجلاً»، لأن إطالة «الوقفة» ستكشف لمسلحي «داعش» العديد من الثُّغَر، وستؤدّي إلى استنزاف وحمام دمٍ يمكن تجنّبه باستمرار الهجوم.
وتوحي معطيات الميدان أن حكومة العبادي مغلوبٌ على أمرها، وغير قادرة على حسم قرارها بمواصلة العمليات التي جُمّدت في الموصل، ما أدّى، تلقائياً، إلى تجميد «الحشد» لعمليات تلعفر، والتوجّه إلى الصحراء المحيطة، لتوسيع رقعة الفصل بين العراق وسوريا، وحسر، قدر الإمكان، مسلحي التنظيم، بين فكّي كماشة. وتمكّنت قوات «الحشد»، إلى الآن، من استعادة 2618 كلم مربعاً، غربي الموصل حتى الحدود السورية، فيما تمكّنت القوات العراقية من استعادة 2791 كلم مربعاً، في أحياء الموصل ومحيطها.