تتواصل اجتماعات جولة محادثات جنيف الجارية بإيقاع بطيء يفرضه جدول أعمال الفريق الأممي، الذي يبدو حريصاً على تغطية كامل الجوانب التقنية الخاصة بملفات السلال الأربع، بعيداً عن خلافات الجانبين الحكومي والمعارض من جهة، ومن دون خرق «التفاهم» الأوّلي بين منصات المعارضة المختلفة.
وشهد أمس اجتماعاً بين المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا والوفد الحكومي، تطرّق بشكل «جدي» إلى موضوع «مكافحة الإرهاب» المضمّن في السلة الرابعة من ورقة دي ميستورا، وفق رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري. وأوضح الأخير أنّ «المناقشات التي دامت نحو ساعتين ونصف ساعة... تعتبر مدخلاً مهماً لاستكمال مناقشة هذا الملف، الذي هو أولوية الأولويات بالنسبة إلينا». ولفت إلى أن هذا الملف «يجب أن يكون أولوية الأولويات بالنسبة لجميع دول العالم»، موضحاً أنه «تجري اجتماعات بين خبراء وفدنا من الفنيين والتقنيين القانونيين مع خبراء وفد دي ميستورا لمناقشة ورقة المبادئ حول أسس وأهداف العملية السياسية».
ويتقاطع إصرار دمشق على أولوية نقاش «مكافحة الإرهاب» مع دعوات وجهها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى إيلاء هذا الملف أهمية خاصة ضمن المحادثات، إلى جانب ملف العملية الدستورية. وفي موازاة الدفع الروسي نحو إعداد مقترح دستور سوريّ جديد ترعاه الأمم المتحدة، بدا لافتاً تأكيد دي ميستورا، في مقابلة مع وكالة «نوفوستي» الروسية، على عدم تجاهل الأكراد السوريين، وضرورة العمل على إشراك ممثليهم في وضع دستور جديد للبلاد أو إدخال تعديلات على الدستور الحالي. وقال دبلوماسيون غربيون إن الأمم المتحدة استضافت جولتين من المحادثات الفنية بشأن الدستور مع جماعات معارضة سورية مختلفة في لوزان خلال الأسابيع القليلة الماضية.

شدّدت عمّان
على أنها لن
تتعامل إلا مع السوريين وحدهم

وبدا المبعوث الأممي حريصاً على التأكيد أن ما يجري من جولات محادثات، لا يعدو كونه تمهيداً لعقد مؤتمر سلام شامل في وقت لاحق، معرباً عن أمله في عقد عدد من الجولات الجديدة في جنيف قبل نهاية العام الجاري. ولفت إلى أن مواقف وفود منصات المعارضة أصبحت أكثر توافقاً في ما بينها من جهة، ومع الخطوط العريضة التي يقبلها الوفد الحكومي، من جهة أخرى. وأشار إلى أن الوقت لم يحن لطرح توحيد منصات المعارضة في وفد واحد، مضيفاً أن تقارب مواقفها يتماشى مع النقاشات الجدية القائمة بين القوى الدولية، وأهمها الولايات المتحدة وروسيا، والهادفة إلى إيجاد حل نهائي للنزاع السوري. وضمن السياق نفسه، شهد اليومان الفائتان اجتماعين لوفود منصات المعارضة الثلاث، الرياض والقاهرة وموسكو، تضمّنا نقاشات حول تفاصيل المحادثات مع فريق المبعوث الأممي.
وبعيداً عن المحادثات، شهدت جبهات المنطقة الجنوبية التزاماً واضحاً بوقف إطلاق النار المعلن وفق التفاهم الأميركي ــ الروسي الأخير في عمّان، في وقت يتابع فيه الجيش السوري عملياته في باديتي السويداء وريف دمشق، في مناطق تمتد نحو الحدود الأردنية. وبينما ينتظر ما سيخرج من تفاصيل عن المحادثات المعنية بوضع تفاصيل اتفاق «منطقة تخفيف التصعيد» في الجنوب، رأى وزير الإعلام الأردني والناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، في مقابلة مع صحيفة «الغد» الأردنية، أن «فتح معبر نصيب (الحدودي بين سوريا والأردن) مصلحة للطرفين، لكن أيّ طلب لفتح المعابر لن يتم التعامل معه إلا في حال ترسيخ الأمن والاستقرار في الجنوب السوري، بحيث يفضي لاحقاً إلى وجود جهة رسمية سورية تسيطر على المعابر، وتضمن لنا أمن وسلامة مستخدميه، ونحن نعلم أن النظام السوري لا يملك السيطرة على معبر نصيب، لذا من الصعب الحديث الآن عن فتحه». وشدد على أنّ «تعامل الأردن لن يكون إلا مع السوريين وحدهم، فلا المجتمع الدولي ولا دول الإقليم ولا الأردن سيرضى بوجود الميليشيات المذهبية التي تقاتل مع قوات الحكومة السورية والتي قد تتواجد بالقرب من الحدود والمعبر، وهذا يرتبط بفهم معادلة ما بعد دحر التنظيمات الإرهابية». وأكد أن في الداخل السوري «هناك قوى اجتماعية وعشائريّة تربطنا بها علاقات جيدة، وهناك قوى معتدلة ساهم الأردن وعدد من الدول بتدريبها وتقويتها من أجل محاربة الإرهاب في سوريا والعراق، وهي قوى صاحبة حضور بسوريا ومن الواجب أن يتعامل معها النظام السوري باعتبارها جزءاً من النسيج الوطني السوري».
وأوضح في معرض ردّه حول سؤال عن التواصل الرسمي مع دمشق، أنه «في بداية الأزمة كانت خطوط التواصل أقوى، لكن حالياً هناك عدة مستويات من التواصل؛ فهناك تواصل غير مباشر من خلال القوى الفاعلة كروسيا، وهناك تواصل عن طريق القنوات الدبلوماسية، كإيصال الرسائل من خلال سفارتهم في عمّان وضبّاط الارتباط العسكري»، مضيفاً أن «القنوات الدبلوماسيّة لم تنقطع طوال فترة الأزمة، فسفارتنا في دمشق وسفارتهم في عمّان تعملان بشكل طبيعي وفق الأصول الدبلوماسية». وحول اتهامات دمشق لعمّان بدعم الجماعات المسلحة في الجنوب ورعايتها، رأى أنه «إذا كان هناك تقييم موضوعي لموقف الاردن تجاه سوريا، فالتاريخ يشهد أنه لولا موقف الأردن التاريخي والخدمات الجليلة التي قدمها لحل الأزمة، لكان حال سوريا أسوأ بكثير ولاستبيحت من قبل المنظمات الإرهابيّة».
(الأخبار)