مقارنةً بما قدمته الولايات المتحدة الأميركية لإعادة إعمار الموصل، يبدو أن اهتمام واشنطن في العراق لا ينصب على إعادة إعمار البلاد، بقدر ما يهمها ترويج أسلحتها، والتخلّص منها في بلاد الرافدين.منحة إعادة إعمار الموصل بلغت نحو 150 مليون دولار، فيما منحة «مساعدة وتطوير القوات البحرية العراقية» بلغت نحو 4 أضعافها.
إذ أعلن القنصل الأميركي في البصرة ون ديتون، أمس، تقديم منحة مالية قدرها 685 مليون دولار كـ«مساعدات لتطوير القوات البحرية العراقية». وقال في مؤتمر صحافي إن المنحة ستقدّم على شكل معدات وأعمال صيانة للبنى التحتية، وتدريبات عسكرية مشتركة مع دول أخرى على كيفية حماية الحدود الإقليمية العراقية. ورغم غاراتها «المبرّرة وغير المبرّرة» على أهداف عسكرية تابعة لتنظيم «داعش»، وأخرى مدنية (أدت بعض الغارات على الأحياء السكنية أثناء عمليات استعادة الموصل إلى سقوط أكثر من 100 قتيل)، لم تخرج واشنطن، هي أو شركاؤها في «التحالف الدولي»، بعذرٍ منطقي يبرّر ما جرى في الموصل مثلاً.

ولفت ديتون إلى أن بلاده ستعمل مستقبلاً على «تعزيز المنحة المالية الحالية بدفعة مالية إضافية أخرى قدرها 250 مليون دولار تدفع في وقت لاحق»، ما يرفع قيمة المنحة لتصل إلى 935 مليون دولار، في دلالة أخرى على أن واشنطن تنوي العودة بقوّة إلى العراق من أبوابٍ عدّة أهمها الدفاع.
وظهر ذلك جليّاً، بعد إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي استعادة مدينة الموصل، خرج ضباط أميركيون للتأكيد أن دورهم لم ينتهِ بعد، وأنهم باقون في بلاد الرافدين لـ«فترة طويلة» بهدف الاستشارة والتدريب. وتبرّر بغداد دور الأميركيين، رغم خروجهم من العراق بموجب اتفاقية «سوفا» عام 2011، بأنهم يقدّمون دعماً عسكرياً في مجال التدريب والدعم اللوجستي، في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية. وأمام معضلة الأميركي وعودته إلى العراق، فإن البلاد بحاجة «لإعادة الإعمار وبناء الدولة»، وفق مصادر حكومية، لا إلى المنح العسكرية التي «أُغدقت» على بغداد من جميع الأطراف والقوى بعد سقوط الموصل بيد «داعش»، خاصةً أن البلاد أصبحت «ساحةً لكباش تلك القوى»، بتعبير أكثر من سياسي عراقي في أحاديثهم إلى «الأخبار».
(الأخبار)