مع ازدياد الدعوات الدولية إلى إعلان هدنة إنسانية في اليمن للسماح بدخول المساعدات الإغاثية بعد مئة يوم على العدوان، تتمحور لقاءات المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ الذي وصل إلى صنعاء يوم أمس حول إعلان وقف إطلاق نار يمتد إلى ما بعد عيد الفطر، أي بحلول 17 تموز الجاري. غير أن قيادة العدوان السعودي اشترطت، وفق معلومات مصدرها العاصمة العمانية مسقط، «عدم استغلال الجيش وأنصار الله الهدنة لتحقيق المزيد من السيطرة في المناطق الجنوبية»، للقبول بالهدنة. ولا يزال موقف حركة «أنصار الله» في هذا المجال غير محدّد، إلا أن من الصعب أن تقبل الحركة بهدنة مشروطة، لا سيما أن تجربة الهدنة السابقة لم تكن ناجحة، حيث استمرّ التحالف بالغارات الجوية أثناء أيامها الخمسة.
وفي وقتٍ يتفاقم فيه سوء الأوضاع الانسانية في اليمن، بعدما صنّفت الامم المتحدة اليمن في الدرجة الثالثة من الأزمة، طلبت المنظمة الدولية من جماعات الإغاثة الاستعداد لهدنة إنسانية محتملة في القتال، ما سيسمح لها بنقل المساعدات. ووسط تظاهر مئات اليمنيين أمام مطار صنعاء الدولي، احتجاجاً على دور المبعوث الدولي المنحاز برأيهم إلى العدوان، وصل ولد الشيخ إلى العاصمة اليمنية أمس، بعدما عقد في اليومين الماضيين مشاورات مع شخصيات من «أنصار الله» في مسقط.
وقال المتحدث الرسمي باسم «أنصار الله» محمد عبد السلام إنه التقى بولد الشيخ بحضور سفيرة الاتحاد الاوروبي بيتينا موشايدت، والسفير الالماني في صنعاء فالتر هاسمن، «حيث جرى نقاش سبُل الوصول إلى هدنة إنسانية، إضافة إلى آليات عمل المنظمات المعتمدة في توزيع الاغاثات الانسانية في مختلف الاماكن المتضررة».
استهدفت طائرات العدوان
سوقاً شعبياً في حجة ما أدى
إلى مقتل 30 مدنياً

وفور وصوله إلى صنعاء، أكد ولد الشيخ «تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى حلٍّ سلمي للأزمة التي أصبحت اليوم كارثية بالنسبة إلى الشعب اليمني»، مضيفاً في تصريح مقتضب من مطار صنعاء: «نبحث في التوصل إلى هدنة إنسانية في أسرع وقت ممكن، والتوصل إلى حل سلمي دائم ويسمح بالرجوع إلى طاولة الحوار». وتأتي زيارة ولد الشيخ التي لم يعلن عن مدتها عقب جولة خليجية زار خلالها مسقط والكويت والرياض حيث التقى بالرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، وممثلين عن «أنصار الله» في سلطنة عمان.
وكانت القوى السياسية في اليمن قد عقدت مؤتمراً صحافياً أول من أمس، دعت فيه المجتمع الدولي إلى «تحمّل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية» تجاه ما يتعرض له الشعب اليمني من أعمال قتل وتدمير وحصار وتجويع في مخالفة للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية. وأعادت القوى السياسية في بيانٍ لها التذكير بأهداف العدوان على اليمن، محددةً إياها بإفشال الحوار الذي كان جارياً برعاية المبعوث الدولي السابق جمال بن عمر.
وأشارت هذه القوى مجدداً إلى مضمون المشاورات في جنيف مع ولد الشيخ، حيث تقدم «وفد صنعاء» الذي ضمّ القوى السياسية المقيمة في اليمن بنصّ اتفاق يتضمن نقاطاً أسياسية هي: أولاً، إعلان وقف إطلاق نار دائم بين الأطراف المتحاربة لبحث حل شامل، بما فيه بحث انسحاب كل تلك الأطراف من المدن الرئيسية، وآلياته بما لا يمنع من التصدي لعناصر «القاعدة» ومنعهم من السيطرة والانتشار، وذلك خلال فترة زمنية محددة، بما يفضي إلى إحياء العملية السياسية وفق المرجعيات المتفق عليها. ثانياً، الإنهاء الفوري للحصار المفروض على الشعب اليمني بكافة أشكاله بما يكفل دخول كل الاحتياجات من دون قيود، وبما يسمح بإدخال الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وغيرها.
وعلى المستوى الميداني، استهدفت غارة جوية سعودية يوم أمس سوقاً شعبياً في منطقة مثلث عاهم في محافظة حجة (شمال غرب اليمن)، ما أدى إلى مقتل 30 مدنياً. ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر أمني في حجة قوله إن «العدوان استهدف المواطنين أثناء تسوقهم وشراء احتياجاتهم من سوق عاهم».
من جهة أخرى، استكمل الجيش و«اللجان الشعبية»، يوم أمس، السيطرة على مناطق في عدن، حيث دخلوا مدينة الجوكر خارج بئر أحمد التي سيطروا عليها قبل يومين، باتجاه خط البريقة بعد طرد عناصر تابعين لتنظيم «القاعدة» والمجموعات المسلحة الموالية لحزب «الاصلاح»، بحسب وكالة «سبأ». وكانت طائرات التحالف قد شنّت غارات عدة في عدن، استهدفت ضواحي بئر أحمد، في مساندةٍ جوية للمجموعات المسلحة.
أما في مديرية دار سعد في المحافظة الجنوبية، فقد تركزت المواجهات في قرية مصعبين والبساتين، حيث شهدت حرب شوارع بين الطرفين خلفت قتلى وجرحى من الجانبين. وتحتدم المعارك بين الجيش و«اللجان الشعبية» من جهة، والمجموعات المسلحة التابعة لهادي وللحراك الجنوبي في مدينة الضالع. أما في محافظة لحج، فقد أدت المعارك إلى مقتل 11 شخصاً.
وتحدثت أنباء، يوم أمس، عن إسقاط الجيش و«اللجان الشعبية» طائرة عسكرية تابعة للعدوان في محافظة صعدة شمالاً، وهي الطائرة الثانية التي يتم إسقاطها خلال يومين.
كذلك، تواصلت العمليات الحدودية ضد مواقع عسكرية سعودية رداً على قصف العدوان للقرى الحدودية. وأطلق الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» صواريخ باتجاه مطار عسكري في محافظة نجران، جنوبي السعودية. كذلك قصف الجيش و«اللجان» معسكر الأشراف العسكري ودبابات سعودية في محافظة جيزان. وعرضت قناة «المسيرة» التابعة لحركة «أنصار الله» مشاهد مصورة تظهر قصف الدبابات السعودية في موقع المخروق العسكري الحدودي، وفرار جنود سعوديين بعد ترك أسلحتهم.