بعد جولة من الغزل المتبادل والتقارب مع القيادي المفصول من حركة «فتح» محمد دحلان، قدمت حركة «حماس» عرضاً جديداً إلى السلطة الفلسطينية، بعد يومين من اجتماع قياديين في الحركة مع رئيسها محمود عباس.
العرض شمل استعداداً حمساوياً «لإنهاء اللجنة الحكومية مهمتها الطارئة فور تسلّم حكومة الوفاق الوطني مسؤولياتها كافة في قطاع غزة... وعلى رأسها استيعاب الموظفين الذين هم على رأس عملهم».
إلى جانب ملف الموظفين، الذي يعني تأمين رواتب لنحو 40 ألف موظف عيّنتهم «حماس» خلال عشر سنوات مضت، طالبت الحركة، وفق تصريحات أمس، بـ«ضرورة الإلغاء الفوري لكل الإجراءات التي فرضت على غزة بحجة تشكيل اللجنة الإدارية (خصم الرواتب ووقف دعم الكهرباء وقطاعات أخرى)». كذلك كررت لازمة «الشروع الفوري في حوار وطني ومشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتفعيل المجلس التشريعي بالتوافق لأداء مهامه... والدعوة إلى التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني وعقد اجتماع فوري للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير».
نحو سبعة بنود رأت فيها «حماس» أنها امتداد لخطاب رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، الأخير، ورأت أن ذلك يدل على أن الحركة «تمدّ يدها للمصالحة الفلسطينية على أسس واضحة وسليمة ومعمقة».
ومن أجل إضفاء المزيد من الرسمية على ذلك، قال قيادي في الحركة إن «هذا الموقف يأتي استجابة لصوت الجماهير الفلسطينية الثائرة في القدس، وتفاؤلاً بالانتصار الذي حققته وحدة الشعب الفلسطيني في معركة أبواب الأقصى، وفي ظل ما يتعرض له قطاع غزة من حصار ظالم... وتأكيداً منا لكل مقدمات الوحدة من اتفاقات موقّعة في مكة والقاهرة والدوحة وغزة وبيروت ووثيقة الوفاق الوطني».

استغلّ الإسرائيليون التصعيد في الأقصى للتخريب فيه وسرقة مقتنيات مهمة

وسبق أن شكلت «حماس» في آذار الماضي لجنة إدارية لإدارة الشؤون الحكومية في غزة، وهو ما قوبل باستنكار رام الله، فيما عملت الحركة على إبراز هذه اللجنة وعملها إعلامياً خلال الأسبوع الماضي. ولا يعني إلغاء عمل اللجنة أن «حماس» ستسحب كوادرها من الوزارات، إذ إن «فتح» تتّهمها منذ البداية بتشكيل «حكومة ظل» تعوق عمل حكومة «التوافق». أما السلطة، فكانت قد قالت إن خطواتها الأخيرة هدفها الضغط من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، وإجبار حماس على تطبيق اتفاقيات المصالحة، وتسليم غزة لحكومة «التوافق».
في المقابل، أكد عضو «اللجنة المركزية» ومسؤول «ملف المصالحة» في «فتح»، عزام الأحمد، أن «إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة بيد حماس، وأن خطوتها الأولى هي حل حكومة الظل التابعة لها، والتي تدير غزة». وقال في تصريحات أمس، إن «تصريحات (القيادي صلاح) البردويل فيها مغالطات، لأن الإجراءات الأخيرة تجاه الانقسام لم تكن قبل تشكيل اللجنة الإدارية التابعة لحماس، ولذلك فإن زوال السبب كفيل بإزالة نتائجه». وأشار الأحمد إلى أن «البردويل وضع شروطاً جديدة عندما تحدث عن الموظفين، وهذا جزء من اتفاق المصالحة، وعليهم أن يكفّوا عن ذلك، وحل اللجنة الإدارية فوراً، لنبدأ بتنفيذ اتفاق المصالحة رزمة واحدة».
على صعيد آخر، أعلن وزير الأوقاف الفلسطيني، يوسف ادعيس، أن المسجد الأقصى تعرّض لأكثر من 140 اعتداءً على أيدي قوى الأمن الإسرائيلية، 116 منها وقعت ما بين 14 و27 من تموز الماضي. وقال في بيان صحافي أمس، إنه «رغم كل الإجراءات، لم يفلح الاحتلال في جعل أهل القدس بمعزل أو ببعد عن أقصاهم». وأضاف ادعيس أن «الاحتلال أغلق الأقصى في الرابع عشر من تموز إغلاقاً تاماً وحاصره... وعكف خلال اليومين التاليين للإغلاق على تخريب وتفتيش دقيق لأركانه، محطّماً وعابثاً بمقتنياته وتراثه ومخطوطاته».
وتابع: «قام الاحتلال بقصّ شجر واقتلاع الأحجار وسرقتها وتنفيذ عمليات المسح عند باب القطانين، وفي باب الأسباط، وحفريات داخل مسجد قبة الصخرة في المغارة أسفل القبة»، مشيراً في تلخيص لنتيجة الأسبوعين الأخيرين، إلى أن تلك الاعتداءات «تزامنت مع صدور قرارات عنصرية وخطيرة ممّا تسمى لجنة التشريع الوزارية في الحكومة الإسرائيلية»، التي تسعى إلى إقرار قانون «القدس الموحدة» الذي ينص على أنه لا يجوز التنازل أو الانسحاب من أي جزء من القدس في المفاوضات أو أي تسوية سياسية.
إلى ذلك، أدانت الرئاسة الفلسطينية وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، الحجر الأساس لأكثر من ألف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «بيتار عيليت»، جنوب مدينة بيت لحم، في الضفة المحتلة. ونقلت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية» (وفا) عن المتحدث باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، قوله إن «المستوطنات غير شرعية من أساسها، وإن على الحكومة الإسرائيلية أن تتوقف فوراً عن نهجها التدميري لمبدأ حل الدولتين». وبذلك، سيصل عدد مستوطني «بيتار عيليت» إلى قرابة 50 ألف مستوطن، ما يجعلها واحدة من أكبر المستوطنات المقامة على أراضي الضفة.