الجزائر | أربكت رسالة الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، التي وجهها للشعب الجزائري لمناسبة الذكرى الـ53 لاستقلال البلاد، أحزاب المعارضة، لما ورد فيها من إجابات واضحة عن نقاط راهنت عليها بغية تحقيق «التغيير»، وخاصة ما يتعلق بمطلب تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة.
«شرفتموني بها ثلاث مرات، وقد استجبت للنداء وقبلت التضحية رغم ظروفي الصحية الحالية التي أحمد الله عليها... وسأمضي عاكفاً على أداء هذا الواجب بعون الله تعالى وفقا للعهدة التي أناطها بي أغلبية شعبنا التي تنتهي في أفريل (نيسان) 2019»، هكذا رد الرئيس بوتفليقة على المطالبين برحيله وبتفعيل المادة 88 من الدستور الخاصة بإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية.

أكد مصدر مطلع
أن الأمور حسمت بين طرفي الصراع في
هرم السلطة

ما جاء في رسالة بوتفليقة اعتبره أكبر حزب إسلامي في البلاد، موقفاً مفهوماً ومتوقعاً، إذ قال رئيس «حركة مجتمع السلم»، عبد الرزاق مقري، في حديث لـ«الأخبار»، إنه «إذا كان للرئيس بوتفليقة الحق ومن صلاحياته إتمام عهدته، فإن المعارضة من حقها كذلك أن تطالب بإجراء انتخابات مسبقة بالنظر الى الوضع الذي آل إليه البلد من الناحية السياسية والاقتصادية، وبدايات التوترات الاجتماعية المصاحبة لسياسات التقشف الجديدة». وأضاف إن «من حق المعارضة أن تستمر سياسياً وأخلاقياً في المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مسبقة للبحث عن فرصة أخرى لمصلحة البلد بعدما مُنح بوتفليقة فرصة كبيرة تاريخية غير مسبوقة».
ورغم ما جاء في الرسالة من بوادر حسن نية واعتراف بنشاط المعارضة التي دعاها بوتفليقة إلى العمل على زرع الأمل، إلا أن الحركة «الإخوانية» توجست من هذا الخطاب خيفة، إذ قال نائب رئيسها، نعمان لعور، لـ«الأخبار»، إن «هذا الخطاب الإيجابي يجب أن ينتقل إلى الأفعال»، مضيفاً إن «المعارضة تنتظر من السلطة فتح أبواب حوار شامل، لتجاوز حالة اليأس الحاصلة على أرض الواقع»، مجدداً في الوقت نفسه دعوة السلطة إلى «التعقل والتعاون مع المعارضة لتحقيق انتقال ديموقراطي يجنب البلاد الفوضى».
من جهة أخرى، رفع حزب «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» المعارض من وتيرة الانتقادات، وقال القيادي فيه عثمان معزوز إن «رسالة بوتفليقة لم تحمل سوى الأكاذيب»، مستغرباً تغير خطاب بوتفليقة «في أقل من شهر، من تهديد المعارضة إلى مغازلتها».
في المقابل، فإنّ ما يسمى «أحزاب السلطة»، ترى أن تمسك بوتفليقة بإنهاء عهدته رغم اعترافه بالمرض، يعبر عن احترام الرجل لشعبه وسعيه للحفاظ على استقرار بلده. وفي السياق، اعتبر الصديق شهاب، وهو الرجل القوي في ثاني أكبر حزب شريك في الحكم (التجمع الوطني الديموقراطي) أنّ «الرئيس يمارس مهماته الدستورية بطريقة عادية»، مشيراً إلى أن «الانتقال نحو التجديد يجب تهيئة الأرضية له، وقد يكون الدستور التوافقي الوسيلة التي توفر هذا الشرط».
وهو الاتجاه نفسه الذي سار عليه «حزب أمل الجزائر»، الذي يتزعمه الوزير عمار غول والمقرب من السعيد بوتفليقة (شقيق الرئيس)، الذي أشاد بتأكيد الرئيس التزامه بأداء واجبه في الاستمرار في الحكم وإنهاء عهدته.
وفي حديث إلى «الأخبار»، ذكر مصدر مقرب من دوائر الحكم في الجزائر أنّ «رسالة الرئيس بوتفليقة جاءت بعد ترتيبات ولقاءات تمت على أعلى المستويات بين رجالات الظل، وقد تم الاتفاق على المرحلة المقبلة»، مضيفاً إن «الأمور حسمت بين طرفي الصراع في هرم السلطة».
في سياق منفصل، عبّرت الخارجية الجزائرية، أمس، عن رفضها لما جاء من انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان بالبلاد، وردت في التقرير السنوي للخارجية الأميركية، واصفة التقرير بـ»عديم الصدقية». وأضافت إنّ «الوثيقة... إنما تعدّ في ما يتعلق بالجزائر امتداداً لتوجه بيروقراطي، يميل إلى استنساخ آلي، لصور نمطية، ومراجع بالية، وتقويمات مغرضة، واستنتاجات مفرطة في التبسيط».