عمان | بينما أشاد الملك الأردني عبد الله الثاني، بالعملية الانتخابية للمجالس المحلية (البلديات ومجالس المحافظات اللامركزية) التي جرت أول من أمس، أفاد «التحالف المدني ــ راصد»، برصده خروقات في المدن الكبرى، عمان والزرقاء وإربد.
وقال «راصد» (مؤسسة مجتمع مدني ممولة خارجياً) في مؤتمر أمس، إنه سيزود الإعلام بالوثائق المصورة عن الخروق التي تنوعت بين تأخر فتح مراكز الاقتراع وشراء الأصوات وأعمال الشغب، خاصة أن الأخيرة «أثرت في إرادة الناخبين والتصويت الأمّي»، إضافة إلى حدوث خلل في الربط الإلكتروني وغياب استخدام الحبر السري في بعض مراكز الاقتراع، بجانب استخدام هويات غير هوية الأحوال المدنية.
مع ذلك، جاء التطور اللافت في هذه الانتخابات بالنتائج التي حصل عليها الإسلاميون، خاصة «حزب جبهة العمل الإسلامي» (التابع لجماعة الإخوان المسلمون ــ الأمّ)، إذ استبق الحزب النتائج الرسمية ببيان أعلن فيه تحقيق «الإخوان» فوزاً برئاسة ثلاث بلديات من أصل ست جرى الترشح لها مباشرة، كذلك نجحوا بإيصال ثلاثة من رؤساء البلديات عبر الدعم المباشر (لم يكونوا على قوائم مرشحيهم)، علماً أن إعلان دعم غير المنتمين سابقة يبادر إليها الحزب في بيان رسمي. وفي مقدمة البلديات التي فازوا برئاستها بلدية الزرقاء، حيث سيترأسها القيادي الإخواني علي أبو السكر.
أما في عمّان، ففاز «التحالف الوطني للإصلاح» (الاسم الانتخابي لـ«جبهة العمل») بخمسة مرشحين لعضوية «مجلس أمانة العاصمة» من أصل 42 (يُنتخب فيه 28 والباقي تعيين)، فيما حصل التحالف على صعيد مقاعد المجالس البلدية والمحلية على 41 مقعداً من نحو 154 على صعيد المملكة، إضافة إلى 25 مقعداً في مجالس المحافظات اللامركزية من أصل 48 في ثماني محافظات (لم يترشح التحالف في أربع محافظات عشائرية).
وبالنسبة إلى حزب «الوسط» الإسلامي (مستقلون متدينون وإخوان سابقون)، أعلن الحزب فوزه برئاسة ثلاث بلديات و9 مقاعد في «اللامركزية» و5 مقاعد في أمانة عمان و16 في مجالس البلديات، وبذلك أصبح عدد مرشحي «الوسط» الفائزين 33.

فازت «الإخوان»
برئاسة الزرقاء، أكبر بلديات المملكة

مع ذلك، أفادت مصادر في «الهيئة المستقلة للانتخاب» بأن نسب المشاركة والتصويت كانت متدنية ولم تتخطّ حاجز 40% على المستوى الإجمالي للناخبين، إلى حين ظهور ما يؤكد ذلك أو ينفيه مع النتائج الرسمية التي ستعلنها «الهيئة المستقلة للانتخابات».
«الإخوان المسلمون»، الذين انسحبوا من الانتخابات البلدية عام 2007 احتجاجاً على «شبهات تزوير» ثم تلقوا ضربات انشقاق قاسية، يعودون بقوة هذه المرة بعد ضوء أخضر حكومي لا يخفى. فمثلاً أبو السكر (الفائز في أكبر بلديات الأردن) كان قد منع في الانتخابات النيابية الأخيرة من الترشح بسبب حُكم قضائي بحقّه يتعلق بأمن الدولة الداخلي والخارجي وإثارة النعرات، وذلك بعد زيارته بيت عزاء أحمد فضيل الخلايلة (المُلقب بأبي مصعب الزرقاوي).
لكن عقب فوزه أمس، رأى نائب المراقب العام للجماعة، زكي بني ارشيد، أن فوز أبو السكر «عنوان للانتخابات البلدية»، علماً أن أبو السكر كان قد رد على سؤال صحافي حول قانونية ترشحه لرئاسة البلدية بأنه لا يوجد ما يمنع ترشحه، مشيراً إلى أنه قد تواصل مع محامين في الداخل والخارج أكدوا له قانونية ترشحه. كذلك شدد على أن رفض ترشحه للانتخابات النيابية كان لـ«أسباب سياسية».
أما ماذا سيترتب عن هذه العودة، خاصة أنها أتت بعد المشاركة في الانتخابات النيابية؟ فتقول الكاتبة المقربة من الإسلاميين ربا كراسنة، إن «النتيجة كانت متوقعة، وفيها رسائل إلى الداخل والخارج... الإسلاميون استطاعوا أن يثبتوا أنهم القوة الحزبية الفعالة في المجتمع»، مشيرة إلى أن فوزهم يعطي رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أنه «لا يجوز الاستمرار في سياسة التضييق عليهم وتهميشهم، خاصة بعد وصولهم إلى البرلمان، والآن في المجالس البلدية والمحافظات». وفي الوقت نفسه، رأت كراسنة أن ذلك يعني أن النظام يريد أن يقول إنه لا يمارس أي إقصاء بحق أي من الأطراف السياسية.
كذلك، قال الصحافي المتابع للشأن المحلي علاء الذيب، إنه لا يرى في النتائج «صفقة بين الدولة والإخوان، فهم استطاعوا حصد مقاعد كبيرة بإمكاناتهم جراء حالة الحشد والتنظيم التي تفتقر إليها الأحزاب الأخرى والعشائر، خاصة أن الأخيرة كثر مرشحوها وشتتوا أصوات مناصريهم».
ومع أن غالبية الفائزين الإسلاميين منضوون تحت عباءة «الإخوان» غير المرخصة حالياً في المملكة، فإن ترشحهم جاء بصفتهم أعضاءً في «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية للجماعة، وهي رسالة تحمل مضموناً آخر يقول إن «الإخوان» ليسوا أعداء النظام، لكنهم أيضاً ليسوا حلفاءه.
وبصورة عامة، الانتخابات البلدية ليست جديدة على الأردنيين، وإن كانت قد عُطلت في مراحل متقطعة استعاضت عنها الدولة بتشكيل لجان لإدارة البلديات، كذلك لم تخرج هذه الانتخابات عن إطار المتوقع، فالمقاعد تقاسمها هذه المرة مرشحو العشائر بمشاركة الإسلاميين مع غياب لقوائم وتحالفات على أساس برنامج انتخابي أو حزبي في ظل وضع اقتصادي متردٍّ.