سيناء | «أنا بشهّد الناس عليك يا أسامة، أحداث سيناء الإرهابية لا تتكرر مرة أخرى، وأنت مسؤول أمامي وأمام المصريين، إن الحادث لا يتكرر مرة أخرى، وأنت أيضا مسؤول بشكل كامل عن تنمية سيناء». بهذه الكلمات توجّه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أسامة عسكر، حين عيّنه قائداً للمنطقة الموحدة بشرقي قناة السويس قبل نحو ستة أشهر. لكن هل فعل عسكر ما أمره به القائد الأعلى للقوات المسلحة، الرئيس السيسي؟في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، عقب حادث حاجز كرم القواديس، الذي راح ضحيته 30 جندياً من الجيش المصري، قرر السيسي تشكيل قيادة موحدة لشرقي قناة السويس، مولياً قيادتها للواء أركان حرب قائد الجيش الثالث الميداني، أسامة عسكر، ومنذ ذلك الحين اشتدت أوزار الحرب في سيناء بين قوات الجيش والعناصر الإرهابيين، ووقعت عمليتان إرهابيتان.

ماذا فعل؟
بعد قرابة شهرين من تولي عسكر منصبه، وقع تفجير قسم شرطة ثالث العريش مؤدياً إلى مقتل 13 وإصابة نحو 75 آخرين. وبعد مرور ستة أشهر، وقع الهجوم الأخير (يوم الأربعاء الماضي)، واستهدف عدة كمائن في منطقتي الشيخ زويد ورفح، وأدى إلى مقتل 17 مجنداً وضابطاً وإصابة 13 آخرين من رجال الجيش. وبين الحادثتين، لم تنقطع العمليات العسكرية بين الطرفين. عموماً، فإنه بعد تولي عسكر مهمته، عكف على تعزيز قوات الجيش في سيناء بأسلحة متطورة وبعناصر إضافية من «الصاعقة» و«المظلات» و«التدخل السريع»، وبتكثيف الطلعات الجوية بطائرات «الأباتشي»، وذلك من ضمن مسعاه لضرب بؤر المسلحين، وكذلك عمل على نشر تشكيلات قتالية بشوارع العريش والدفع بدوريات رباعية متحركة إلى جانب سيارات للكشف عن المفرقعات.
ومن حين إلى آخر، تعلن القوات المسلحة شنّ ضربات جوية «ساحقة» على «مخابئ التكفيريين»، من تنظيم «أنصار بيت المقدس ــ ولاية سيناء» فى غرب الشيخ زويد بشمال سيناء والعريش والتصدي لعمليات إرهابية وإحباط مخططات تستهدف الكمائن بقذائف هاون و«آر بي جي». هذه التغييرات لم تنجح في وقف الهجمات في سيناء، ولم تكن كافية للقضاء على الإرهاب، خاصة أن قرار إخلاء مناطق في الشيخ زويد ورفح من الأهالي (في ما يعُرف بالمنطقة العازلة) زاد المعركة سوءاً. ولا شك في أن الاعتداءات التي تقع من وقت إلى آخر، أثبتت أن الخطر ليس فقط في الحدود مع غزة، ولكن الأخطر يكمن في الحدود الغربية والجنوبية، إذ تُهرَّب منها إلى الداخل كميات كبيرة من الأسلحة والقذائف.
على مدى الأشهر الستة الماضية، توالت عمليات هدم منازل المواطنين في شمال سيناء، تنفيذاً لقرار الحكومة بإنشاء المنطقة العازلة على الحدود مع غزة، التي يبلغ طولها 14 كيلومتراً، ويقدر عدد المنازل المقرر إخلاؤها بـ880 منزلاً، تسكنها ألف و156 أسرة. وفتحت عمليات الإزالة تلك باباً جديداً للصراع، نتيجة لـ«التهجير»، خاصة أن مصادر رزق البعض من القبائل والعشائر توقفت جراء إخلاء الشريط الحدودي، فأصبحوا ــ وغيرهم ممن تضرروا من الإزالة ــ خصماً للحكومة، سواء المنتمين منهم إلى الجماعات المتشددة أو غير المنتمين.
من هنا يتضح أنّ عسكر، وحده، أو جهازاً وحده، غير قادر على مواجهة الإرهاب في سيناء، فضلاً عن أن الحل الأمني ليس كافياً. لذلك، لا بد من طرح أطر أخرى، سياسية وفكرية، وضمان ولاء السكان وأهالي سيناء للحكومة ووقف التفرقة في ما بينهم، وكذلك التجاوزات الأمنية بحقهم، وعمليات التهجير من مدن الحدود في سيناء، الشيخ زويد ورفح.