لا تتوافر معطيات دقيقة وحاسمة عن حجم إنفاق إسرائيل على القدرات العسكرية والتكنولوجية. فمع كل ما نُشر عن ذلك، لا تزال هناك أمور ضبابية وغير واضحة. لكن على الأقل، أدرك الجمهور الإسرائيلي ومعه المهتمون والمتابعون لشؤونه أن القوة العسكرية ليست كل شيء، فتجربة عدوان تموز 2006 على لبنان أثبتت أن قلة من المقاومين مع عتاد عسكري «متواضع»، مقارنة بإمكانات «الجيش الذي لا يُقهر»، أجبرت إسرائيل على الاعتراف بهزيمتها.
هذا الاعتراف لم ينجح في كسر الصور النمطية عن إسرائيل عند كثيرين، أقله عند أولئك الذين لا يزالون مؤمنين بتفوقها في كل شيء، ماضين في مغازلتها وتحجيم أنفسهم وأدوار مجتمعاتهم ودولهم، على سبيل القول إن «التعليم عندهم أفضل، والطبابة عندهم مجاناً... إلخ»، مع أن آخر ما نُشر في موضوع التعليم، هو تقرير «Education at a Glance»، الصادر عن «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD»، وتبين فيه أن الاستثمار الإسرائيلي في قطاع التعليم لا يزال يحتل مرتبة متدنية بالمقارنة مع معدل الاستثمار في القطاع نفسه في دول هذه المنظمة.
وأظهرت المعطيات المنشورة أمس، أن أساتذة التعليم الثانوي الإسرائيليين، وتحديداً أصحاب خبرة 15 سنة في القطاع التربوي يتلقون راتباً سنوياً قيمته أقل من 25 ألف دولار أميركي، فيما يحصل نظراؤهم من المُدرسين في دول المنظمة على نحو 43 ألف دولار سنوياً، كما يرسم التقرير صورة قاتمة عن حالة الصفوف والمدارس.

علامات الإسرائيليين
في الاختبارات الدولية أقل من المعدل العام

برغم ذلك، يوضح التقرير أن تحسناً ملحوظاً طرأ على رواتب الموظفين في الحضانات والتعليم الأساسي في إسرائيل على مدار السنوات. وضمن هذا الإطار، عزت صحيفة «يديعوت أحرونوت» السبب إلى أنّ المشرفين على سلك التربية والتعليم قد عملوا بتوصيات صدرت عن مشروعي «أفق جديد»، و«عوز لتموراه»، وهو ما جعل إسرائيل تحتل المرتبة الثانية في معدل تحسين الأجور في رياض الأطفال والتعليم الأساسي، والمرتبة الأولى في معدل تحسين الأجور في المدارس الإعدادية، والرابعة في معدل تحسين الأجور في المدارس الثانوية، بالمقارنة مع دول المنظمة. لكن هذا «التحسين» لم يستطع سدّ الهوة أو الفجوة الواسعة بين أجور المعلمين في إسرائيل مقابل أجور نظرائهم في دول المنظمة.
وفي ما يتعلق بالإنفاق الوطني على التعليم، يتبين من التقرير أن متوسط الإنفاق على التلميذ الواحد في إسرائيل أقل من الطالب في بلدان OECD، ففي إسرائيل يُنفق سنوياً نحو 7800 دولار على كل تلميذ، مقابل 10800 دولار على الطلاب في دول المنظمة. أمّا عن الاكتظاظ داخل الصفوف، «فحدث ولا حرج»، إذ يظهر التقرير أن إسرائيل حلّت في المرتبة الأولى لجهة الاكتظاظ داخل مدارسها، بل إن الاكتظاظ في رياض الأطفال فاق المعدل في دول المنظمة بـ27%. إذ متوسط عدد الطلاب في الدول المتقدمة هو 21، فيما بلغ في إسرائيل 26 طالباً لكل فصل. وكذلك عدد الطلاب في الصف الواحد للمرحلة الابتدائية، ففي إسرائيل ثمة 28 تلميذاً داخل الصف، وباقي الدول 20، أما في الثانوية، فيصل العدد في بعض الأحيان إلى أكثر من 32 طالباً داخل إسرائيل.
وبرغم أن المعطيات المنشورة تبين أن ساعات التعليم الإلزامي في إسرائيل في المرحلة الابتدائية أعلى بنسبة 25٪ من متوسط «المنظمة»، وأن كل طالب إسرائيلي يحصل على خمس ساعات أسبوعياً أكثر من نظرائه في الدول المتقدمة، فإن إنجازات الطلبة الإسرائيليين في الاختبارات الدولية لا تزال أقل من المعدل العام.
في السياق، علّق المدير العام لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، شموئيل أبواف، على نتائج التقرير بأنه «يظهر تحسينات عدة في أكثر من مجال، وخاصة رواتب المعلمين»، مضيفاً أن «جودة التعليم تبدأ من جودة التدريس، وأن الاستخدام الحكيم للموارد سيتيح تحسين نوعية التدريس». ويُذكر أن وزير التربية نفتالي بينت، قال في تصريحات سابقة، إن «الاهتمام بتدريس التوراة والدين اليهودي أفضل من الاهتمام بتدريس العلوم»، كذلك لم يعد خافياً على أحد أن حاخامات المدارس الدينية في إسرائيل ينظرون إلى العلوم (الفيزياء والكيمياء) على أنها «هرطقات».