خطوة جديدة على طريق حصول السلطة الفلسطينية على ما يشبه الدولة في واقع الاحتلال الإسرائيلي المستمر، إذ بعد الحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة عام 2012، ثم الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2015، نجحت السلطة أمس في الحصول على «إنجاز» جديد لاقى اعتراضاً وانزعاجاً إسرائيلياً.
فبعد محاولات عدة نفذتها رام الله للانضمام إلى «منظمة الشرطة الجنائية الدولية» (الإنتربول) منذ عام 2015، أعلنت «الجمعية العامة للإنتربول» قبولها ضمَّ فلسطين إليها، بعد اجتماع في العاصمة الصينية بكين، صوتّ فيه بالموافقة 75 دولة، مقابل 24 ضد وامتناع 34 عن التصويت، وذلك بعد محاولة سابقة في تشرين الثاني الماضي رُفض فيها الطلب لأنه لم يحصّل غالبية الثلثين.
ورغم أن هذه العضوية تمثل بالنسبة إلى وضع السلطة السياسي والأمني إضافة رمزية، في ظل غياب السيادة، فإنها تمكنها في حدّ أدنى من تقديم طلبات اعتقال بحق عدد من المطلوبين لها في قضايا جنائية، مع أنه يمكنها الاستفادة من ذلك سياسياً، في حال مطالبتها بتسليم خصوم لها صدر بحقهم أحكام قضائية في رام الله. كما أن الدور الذي كان يلعبه جهازا «الأمن الوقائي» و«المخابرات» في التواصل مع جهات أمنية أجنبية في بعض القضايا تحوّل الآن إلى صيغة رسمية.

لا تمثل هذه العضوية
إلا إضافة رمزية، في ظل
غياب السيادة

وكان المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية، عدنان الضميري، قد قال في تصريحات صحافية إنّ «الانضمام إلى الإنتربول من شأنه تحسين الوضع الأمني في فلسطين، وفي الوقت نفسه المساعدة في تعزيز الجهود الفلسطينية في بناء دولة»، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى وقف حالات كثيرة من الأشخاص الهاربين من العدالة وتسلّم هؤلاء المجرمين الذين فروا من فلسطين، وخاصة المتهمين بالفساد». يشار إلى أن رام الله مشتركة في عضوية جامعة الدول العربية التي تخولها العضوية في «المكتب العربي للشرطة الجنائية» وبذلك كانت تستطيع تسلّم مطلوبين لها من دول عربية. وهنا كشف الضميري عن أن إسرائيل «تعاونت» حتى في تسليم أولئك المطلوبين من الدول العربية.
في هذا السياق، رحبت السلطة الفلسطينية، على لسان وزير الخارجية رياض المالكي، بنتائج التصويت وقبول عضوية فلسطين. وقال المالكي إنّ «التصويت الساحق» لدعم عضوية فلسطين هو «انعكاس للثقة في قدرات فلسطين على إنفاذ القانون والالتزام بالقيم الأساسية للمنظمة»، مشيراً إلى أن «هذا الانتصار تحقّق بسبب الموقف المبدئي لأغلبية أعضاء الإنتربول، إذ إنهم رفضوا بوضوح محاولات التلاعب والتسلّط السياسي».
في المقابل، لم يصدر تعليق فوري عن وزارة الخارجية الإسرائيلية التي قالت في وقت سابق إن جهود إسرائيل لإرجاء التصويت إلى العام المقبل أخفقت، وهو ما أكدته وسائل إعلام عبرية نقلت تخوّف مسؤولين في تل أبيب من هذه الخطوة، لأن «فلسطين صارت قادرة على المطالبة باعتقال ضباط إسرائيليين متورطين في جرائم ضد الشعب الفلسطيني». كذلك، قالت عضو الكنيست، وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، في تغريدة على موقع «توتير»، إنّه «قرار سيئ... سيئ لإسرائيل... وسيئ لمكافحة الإرهاب».
وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية قد ذكرت في وقتٍ سابق أن إسرائيل قدمت عدة ذرائع لرفضها حصول فلسطين على العضوية، من بينها أنَّه «ربما تحاول فلسطين استخدام وضعها الجديد لاستصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين كبار، رغم أنَّ الإنتربول لا يمكنه إصدار مذكرات توقيف... أو ربما تُسيء استخدام المعلومات السرية المتعلقة بقضايا الإرهاب».
في شأن آخر، دهمت قوات من الجيش الإسرائيلي، أمس، منزل منفذ الهجوم في مستوطنة «هار ادار»، شمال القدس المحتلة، الشهيد نمر الجمل، بعدما نفّذ الجيش الإسرائيلي عملية «مسح هندسي» للمنزل في بلدة بيت سوريك، إلى الشمال الغربي من القدس، تمهيداً لهدمه بناءً على قرار اتخذته حكومة العدو.
ووفق مسؤول محلي فلسطيني، يواصل الجيش الإسرائيلي إغلاق الطرق المؤدية إلى عشر قرى تقع شمالي غربي القدس ويقطنها نحو سبعين ألف فلسطيني، وذلك بعد العملية التي نفذها الجمل أول من أمس. وأضاف رئيس بلدية بدو التي يشملها الإغلاق، سالم أبو عيد، أن قوات الاحتلال وضعت بوابة حديدية على الطريق الرئيسي الذي يربط هذه القرى بالمناطق المجاورة ومنها مدينة رام الله.
(الأخبار)