في انتظار نتائج مباحثات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، والرئيس الإيراني حسن روحاني، يمكن الحديث عن مسارٍ جديد في سياق الاستيعاب الإقليمي ــ العراقي لصدمة إجراء أربيل استفتاء الانفصال عن العراق، وتحديد طرق مواجهته، ورسم معالم الحد من تداعيات تلك الخطوة الانفصالية.
ويصف روحاني التنسيق القائم بين طهران وأنقرة وبغداد بخصوص استفتاء «إقليم كردستان» بـ«الجيّد»، بالتوازي مع تقديم جيران العراق دعماً غير مشروط للحكومة المركزية العراقية برئاسة حيدر العبادي، في إطار مواجهة الأخير لأحلام البرزاني الانفصالية.
ويمكن القول إن الخطاب التركي ــ الإيراني ــ العراقي الموجّه ضد «الإقليم» بات مزيجاً من الترغيب والترهيب، ومحاولة استمالة أربيل و«إعادتها إلى رُشدها»، بالتوازي مع الرسائل الميدانية القاسية، كالمناورات العسكرية المشتركة، والتي تحمل دلالات عديدة، كان الاستفتاء سبباً في إجرائها. فـ«تركيا جرّبت ولا تزال تجرّب كافة الوسائل الرامية إلى حل الأزمة بالعقل والحكمة على أساس الوفاق»، وفق أردوغان، لافتاً إلى أن أنقرة «ستكتفي حالياً ببعض القيود في مجالات معينة، على أن تزداد باطراد».

اشترط العبادي
على أربيل إلغاء
نتائج الاستفتاء
للعودة إلى الحوار

وأكّد العبادي، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن «الدستور هو المرجع في التفاوض مع كردستان»، مشترطاً على أربيل «إلغاء نتائج الاستفتاء والتزام الدستور العراقي»، للعودة إلى الحوار والعمل على لملمة الأزمة، وذلك إثر تسريبات صحافية تؤكّد وجود مساعٍ لإجراء حوارٍ جاد بين بغداد وأربيل، لحل الخلاف القائم، والحديث عن تبادل بغداد وأربيل وفوداً تسعى إلى توضيح «وجهات النظر، ومعالجة الشبهات الواقعة».
وقابل انفتاح بغداد وشروطها لحل الأزمة، تحذيرٌ للعبادي لسلطات «الإقليم» من خطورة «التحشيد العسكري الذي تقوم به البشمركة في مدينة كركوك»، مشدّداً على أن «خلافات المناطق المتنازع عليها ينبغي أن تحل». وأضاف أن «إدارة مشتركة لكركوك ومناطق أخرى يجب أن تكون لبغداد السلطة المطلقة في إطار هذه الترتيبات».
بدوره، دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم، إلى الحوار بين الحكومتين الاتحادية في بغداد، و«إقليم كردستان»، مشدّداً على «التمسك بوحدة العراق، وأهمية التزام الدستور، والاحتكام إليه في حل الخلافات الداخلية». وأعرب عن أمله بأن يتقدم العراق نحو «بناء دولة ديموقراطية اتحادية حديثة ومتطورة، تقوم على صيانة وحدته وسيادته وإعلاء مبادئ الدستور، وتضمن حقوق المواطنة وحماية المكونات كافة»، مثمّناً «دعوة المرجع الديني علي السيستاني إلى التزام الدستور نصاً وروحاً والاحتكام إليه لحل كافة الخلافات الداخلية».
ودعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، «المحكمة الاتحادية» إلى بتّ مصير النواب الأكراد المشاركين في الاستفتاء، مؤكّداً إجراء حوارات مع القيادات العراقية، بما فيها الكردية لحل الأزمة. وأكّد في مؤتمرٍ صحافي، التزام المجلس قرار المحكمة بشأن النواب المشاركين في الاستفتاء، لافتاً إلى أنه «لا يمكن أحداً أن يعترض على هذا الإجراء القانوني للبرلمان».
وأفاد التلفزيون الرسمي بأن البرلمان العراقي صوّت أمس على «صيغة قرار لوقف التعاملات المالية مع إقليم كردستان، ردّاً على الاستفتاء، دون أن يذكر ما إذا كان القرار ملزماً للحكومة. وأضاف أن «القرار جاء مع الحفاظ على حقوق المواطنين الأكراد»، لافتاً إلى أن «التدابير ستستهدف القيادة الكردية».
أما في أربيل، فإن إعلان «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان»، استكمال كافة الاستعدادات لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في الأول من تشرين الثاني المقبل، يأتي كمسعىً من البرزاني لإتمام صفقة كان قد أبرمها مع الأطراف السياسية الكردية، قبيل إجراء الاستفتاء، التي قضت بالمشاركة به مقابل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أسرعٍ وقتٍ ممكن.
(الأخبار)