بين مبادرة نائبي رئيس الجمهورية العراقية إياد علاوي، وأسامة النجيفي، بالتوجه نحو أربيل ولقاء رئيس «الإقليم» مسعود البرزاني، بهدف «الوساطة»، والتحاق رئيس البرلمان سليم الجبوري، بهما أيضاً، وبين إعادة تحديد نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي (3 نواب لرئيس الجمهورية)، التأكيد على «رفض الحوار» ما لم يُلغَ الاستفتاء، تبدو الخطوط بين بغداد وأربيل سالكة لمن يريد، حتى إن كانوا من المسؤولين الرفيعين في الدولة العراقية.
وفي ظل عدم وضوح مواقف رئاسة الوزراء من التحركات الجارية على خط بغداد ــ أربيل، أعلن سليم الجبوري، في بيان أمس، أنّ لقاءه البرزاني هدف إلى «إيقاف تدهور العلاقة بين المركز (حكومة بغداد)، والإقليم بعد التداعيات الخطيرة التي خلفها الاستفتاء، ودخول دول إقليمية في الأزمة كأطراف، ما يهدد أمن العراق واستقراره كدولة». جاء ذلك فيما كانت أربيل قد أعلنت أول من أمس، عبر رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين، التوصل إلى اتفاق مع علاوي والنجيفي بهدف «بدء حوار بين بغداد وأربيل... والبحث عن مخرج، وإنهاء حالة القطيعة بين المركز والإقليم، وللحيلولة دون تفاقم الأمور والوصول إلى طرق مغلقة».
جدير بالذكر أنّ أسامة النجيفي كان قد توّج حراكه منذ يوم الخميس، بلقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تركيا، في زيارة كان من أهدافها الرئيسة إعادة تأكيد النجيفي أمام الفرقاء العراقيين أنّ «الغطاء التركي» الذي كان له ولشقيقه محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، لا يزال موجوداً.
لكن في حديث إلى «الأخبار»، يُشكك سياسي عراقي بنجاح تلك «الوساطات»، وخاصة «أنّها لا تحوز موافقة التحالف الوطني في بغداد»، الذي يضم من بين أعضائه الرئيسيين نوري المالكي، إضافة إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي، وذلك بالرغم مما يُحكى عن خلافات بهذا الصدد داخل هذا «التحالف». وفي السياق، جدّد نوري المالكي، أمس، عقب لقائه سفير الولايات المتحدة لدى بغداد، دوغلاس سليمان، موقفه من مسألة «رفض الاستفتاء ونتائجه لكونه مخالفاً للدستور»، مؤكداً في الوقت نفسه أنّه يدعم الحوار «لكن بعد أن يلغى الاستفتاء... (مشيراً إلى أنّ) التهدئة أو الدعوة إلى الحوار على حساب تجاوز الدستور والتمدد على أراضي المكونات الأخرى لن تحل المشكلة بل ستعقدها».
في غضون ذلك، يرى الباحث في «مٶسسة الشرق الأوسط للبحوث»، يريفان سعيد، في حديث إلى «الأخبار»، أنّه «إذا وافقت بغداد، فقد يساهم الاتفاق الذي توصل إليه (البرزاني) مع علاوي والنجيفي في احتواء التوتر المتصاعد»، مستدركاً بأنّ «السؤال الحقيقي هو ما إذا كان علاوي والنجيفي قد تحركا من تلقاء نفسيهما كوسطاء أو أنّهما قد تلقيا تعليمات من بغداد». ويرجّح سعيد الاحتمال الأول نظراً إلى «الأجواء السياسية المشحونة في بغداد وإلى الثمن السياسي الذي قد يتحمله رئيس الوزراء إذا كان قد سمح بمثل هذه الوساطة».
ويضيف الباحث في «مٶسسة الشرق الأوسط للبحوث» أنّه «برغم ذلك، فإنّ من مصلحة الطرفين تهدئة الوضع للحد من مخاطر صراع عنيف، ولا سيما في المناطق المتنازع عليها، وهو أمر الأرجح أن يتم عبر دبلوماسية الكواليس».
وفي سياق الحديث إلى «الأخبار»، يبدي يريفان سعيد اعتقاده بأنّ العبادي «يريد أن يحافظ على صدارته في الانتخابات المقبلة، و(اكتساب) الكلفة السياسية المنجزة عن التفاوض مع حكومة إقليم كردستان بغية حلّ المشاكل (إلا إذا تخلت أربيل عن الانفصال)، وخاصة أنّ الوضع بين أربيل وبغداد قد يبقى عالقاً الى انتخابات البرلمان العراقي في نيسان المقبل على أقل تقدير». ويرى أنّ «العبادي يحتاج إلى أن يظهر بمظهر الشدة وعدم القبول بالمساومات على أمور الأمن القومي، وذلك حتى لا يترك مجالاً لخصومه كي يستعملوا ذلك ضده خلال الانتخابات».
(الأخبار)