تتوالى المواقف والتقديرات السياسية والإعلامية، بشأن الإسرائيليَّين المفقودَين، وحالياً تتجه الأنظار نحو موقف حكومة بنيامين نتنياهو وهل يمكن أن تجرى مفاوضات تبادل جديدة، برغم أن هناك أكثر من سبب يدفع إلى استبعاد سيناريو عمليات التبادل السابقة في المرحلة الحالية. يستند هذا الاستبعاد، من ضمن أمور أخرى، إلى الهوية الدينية والعرقية لكل من «المواطنين». فأحدهما عرب بدوي، والثاني وإن كان يهودياً لكنه من أصول إثيوبية، الأمر الذي يوضح تلقائياً السقف الإسرائيلي الرسمي.
مع ذلك، يدرك نتنياهو أن عشرات الآلاف من الإسرائيليين الإثيوبيين يرصدون بدقة كيفية تعامل حكومتهم مع قضية المفقود أبراهام منغستو، الذي يفترض أنه في غزة بأيدي المقاومة، كونه سيشكل، في نظرهم، أساساً للحكم على حقيقة الموقف الرسمي لإسرائيل من القضايا التي تمس حياتهم ومصيرهم، بعدما لمسوا مفاعيل سياسة التمييز العنصري ضدهم. على خط مواز، تعمل إسرائيل على الفصل بين قضية الإسرائيليين المفقودين، باعتبارها قضية إنسانية، متجاوزة البعد الإنساني لوجود آلاف المعتقلين الفلسطينيين في سجونها، وبين جثتي الجنديين الإسرائيليين اللذين سقطا خلال العدوان على غزة الصيف الماضي، وفق روايتها.
مسؤول في «حماس»:
طوني بلير هو من تحدث معنا
في ملف المفقودين

ضمن هذا الإطار، دعا وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، إسرائيل، إلى التمنع عن الإفراج عن الأسرى، وإلى ممارسة الضغوط على حركة «حماس» لإعادة الإسرائيليين. ورأى أردان أن إطلاق سراح أي من الفلسطينيين يعني عودتهم إلى تنفيذ هجمات «كما حدث في أعقاب صفقة جلعاد شاليط». لكنه أقر بأنه وهو عضو في المجلس الوزاري المصغر، لم يكن يعرف أن الإسرائيليين محتجزان لدى «حماس» في غزة قبل إعلان ذلك رسمياً. في هذا السياق، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر أمنية سياسية قولها إن إسرائيل «لا تُفكّر مطلقاً في الإفراج عن أسرى سياسيين فلسطينيين مقابل الاثنين (العربي والإثيوبي)». ولفتت المصادر إلى أنّ «إسرائيل تنظر إلى الاثنين على أنّهما قضية إنسانيّة من الدرجة الأولى، ولا يُمكن تأطيرها في إطار صفقات تبادل الأسرى». وأضافت الصحيفة، استناداً إلى المصادر نفسها، إنه «بسبب ذلك، ستقوم إسرائيل بالتعامل مع إعادة جثثي الجنديين الإسرائيليين، هدار غولدين وشاؤول أمير، على حدة، من إعادة الشابين الإسرائيليين»، لذلك فإنّ «المفاوضات لإعادة الجثتين الاثنتين ستكون منفصلةً تماماً عن الشابين الاثنين، اللذين عبرا الحدود برضاهما التام، ولم يُختطفا».
وأوضحت «هآرتس» أن «صناع القرار في تل أبيب ينتظرون الردّ من حماس، بصورة علنيّة أو عن طريق المسارات الأخرى غير الرسميّة حول مصير الشابين الاثنين»، لافتةً إلى أنّه حتى اللحظة لم يصدر عن «حماس» أيّ بيانٍ رسمي. وادعت المصادر أيضاً أن المؤسسة الأمنية تخشى جداً على حياة منغستو بعد البيانات المتناقضة التي كانت «حماس» قد أصدرتها بعد عبوره الحدود والانتقال إلى غزة. وذكرت «هآرتس» أن الأجهزة الأمنية شككت في رواية الحركة حول إطلاقها سراح منغستو بعد وقت قصير من وصوله إلى غزة، منبهة إلى أن إسرائيل لم تتلق أي معلومة حول وضعه، فيما عبّرت المصادر عن تفاؤلها من مصير العربيّ البدويّ، معتبرةً أنّه «لا يزال حيّاً».
في السياق نفسه، ذكر المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أن على القيادة الإسرائيلية وضع حدود لجهة المطالبة بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين في مقابل منغستو. وأضاف فيشمان: «في المرحلة المقبلة، سوف تتوالى الضغوط من جهة منظمات ممثلي الطائفة الإثيوبية، وجماعات ضغط وشخصيات علاقات عامة، بهدف إعادة نتنياهو إلى المفاوضات على إطلاق سراح الأسرى، في حال عدم معرفة كيف يوقف هذا الجرف». يشار إلى أن قيادياً في «حماس»، لم يرغب في نشر اسمه، تحدث إلى وكالة «سبوتنيك» الروسية كاشفاً أن رئيس اللجنة الرباعية الدولية السابق، طوني بلير، هو الشخصية الأوروبية التي بحثت مع الحركة في قضية المفقودين الإسرائيليين، ونافياً أن تكون المخابرات الألمانية قد شرعت في «جس نبض» بهذا الشأن. وكان رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل قد كشف أن إسرائيل طلبت من الحركة، عبر وسيط أوروبي، الإفراج عن إسرائيليين اثنين وجثتين، لكنهم رفضوا ذلك قبل أن تطلق إسرائيل سراح محرري صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم.
(الأخبار)