بغداد | شهد اليوم الثاني من العمليات العسكرية التي أطلقها الجيش العراقي، أول من أمس، لاستعادة الأنبار من سيطرة «داعش»، تقدماً لافتاً للقوات العراقية و«الحشد الشعبي» ومقاتلي العشائر، ما شكل مفاجأة للمراقبين والمحللين الذي توقعوا أن تحسم المعركة لمصلحة القوات العراقية إذا استمرت على نفس وتيرة التقدم، فيما تصاعد الحديث عن «وساطات» و«مفاوضات» مع «داعش» تضمن إخراج عناصره من الفلوجة لتجنّب القتال بعد إعلانه «بيعة الموت».
وتمكنت القوات المشتركة من الجيش والشرطة و«الحشد الشعبي» ومقاتلي العشائر من الوصول إلى مشارف مدينة الفلوجة وعزل بعض مناطقها عن مدينة الرمادي، حيث تم تحرير مناطق الشهابي والبوجاسم والحلابسة، فضلاً عن منطقة الطاحونة الواقعة على مشارف مدينة الفلوجة، بحسب ما أعلن المتحدث باسم هيئة «الحشد الشعبي» النائب أحمد الأسدي.
تجري اتصالات لبحث
كيفية إخراج «داعش» من الفلوجة وتجنيبها القتال

وأوضح الأسدي في حديث إلى «الأخبار» أن «عمليات تحرير محافظة الأنبار حققت الكثير من أهدافها، وأحزرت تقدماً ميدانياً كبيراً»، مبيّناً أن «العمليات أدّت حتى الآن إلى تحرير مناطق الشهابي، والبوجاسم، والحلابسة، وبعض المناطق في شمال الصقلاوية (شرق الفلوجة)، فضلاً عن الصقلاوية نفسها والقرى المحيطة بها، إضافة إلى تحرير منطقة الطاحونة على مشارف الفلوجة».
الأسدي أكد قطع الطريق بين الرمادي والفلوجة، وقطع خطوط إمدادات «داعش»، لافتاً إلى أن التنظيم يحاول عرقلة تقدم القوات الأمنية من خلال اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية أو ارتكاب جرائم وعمليات قتل بهدف اتهام القوات الأمنية و«الحشد الشعبي»، كما حصل في بقية المناطق.
في غضون ذلك، أبلغ مصدر أمني ميداني في الأنبار «الأخبار» أن الطائرات العراقية وطائرات «التحالف الدولي» نفذت غارات وضربات على مواقع ومعاقل لـ«داعش» استمرت منذ الساعة العاشرة صباحاً حتى ساعات ما قبل الإفطار، مؤكداً أن تلك الضربات كان لها وقع كبير على الأرض لمصلحة القوات المشتركة العراقية.
في موازاة ذلك، كشف الخبير الأمني والمختص في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، أن عدد قتلى «داعش» خلال الـ48 ساعة الماضية تجاوز 200 قتيل، مبيّناً أن تلك الخسائر دفعت التنظيم إلى إعلان «بيعة الموت» التي لا يحق بموجبها للمبايع الهروب أو الوقوع أسيراً.
ويضيف الهاشمي في حديث إلى «الأخبار» أن «داعش أعلن مبايعة ألف شخص للتنظيم وفق تلك البيعة. داعش حشد بشكل كبير لهذه المعركة، لأنه يعتبرها الحاسمة». ورجّح أن تنتهي المعارك خلال الأيام المقبلة في حال اعتمدت القوات المشتركة على التحرير فقط، ومن ثم البدء بعمليات جديدة للتطهير، كون التطهير يستغرق وقتاً طويلاً.
في تلك الأثناء، كشف عضو في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، اسكندر وتوت، عن قيام سياسيين، لم يسمّهم، بالتفاوض مع «داعش» من أجل إخراج عناصرهم من الفلوجة مع المدنيين الذي ينزحون من المدينة.
وأكد وتوت في حديث إلى «الأخبار» أن «السياسيين الدواعش في الحكومة والبرلمان يحاولون إنقاذ أقرانهم بعد تضييق الخناق عليهم في الفلوجة وقرب نهايتهم»، محذراً من السماح بتنفيذ تلك المخططات أو أن تتورط الحكومة في ذلك.
من ناحيته، أكد مصدر مطلع لـ«الأخبار» أن القيادي البارز في «تحالف القوى العراقية»، رافع العيساوي، وقريبه فالح العيساوي نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، يجريان اتصالات مع شيوخ عشائر ووجهاء في الفلوجة فضلاً عن قيادات بعثية لبحث كيفية إخراج «داعش» وتجنيب المدينة القتال. وكشف المصدر أنه يجري فعلياً الحديث عن تخصيص ممرات آمنة لخروج المدنيين.
إنسانياً، حذرت المفوضية العليا لحقوق الانسان من تفاقم الأوضاع الإنسانية في مناطق الصراع، وتزايد الانتهاكات وارتكاب «داعش» لجرائم الإبادة الجماعية. عضو اللجنة فاضل الغراوي أكد لـ«الأخبار» أن «داعش اتخذ إجراءات خاصة في الفلوجة الهدف منها الإبادة الجماعية الممنهجة للمدنيين الذين يخالفون تعليماتهم».
وأشار الغراوي إلى قيام «داعش» بتفخيخ كافة الجوامع والمآذن والدور السكنية والطرق المؤدية إلى الفلوجة والمؤسسات الرسمية فيها بقصد إيقاع أكبر الخسائر البشرية والمادية فيها بقصد الإبادة الممنهجة، لافتاً إلى أن التنظيم الإرهابي عمل على الاستهداف المباشر للعوائل والنساء والأطفال الذين اختطفهم وطلب الفدية من ذويهم.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس محافظة الأنبار، عيد عماش، إن «تنظيم داعش أطلق ليلة أمس (الاثنين) والليلة التي سبقتها الرصاص على بعض العوائل التي حاولت الفرار من المدينة، واحتجز المدنيين في مدينة الفلوجة، ومنعهم من الخروج».