القاهرة | بشكل مفاجئ، ومن خلال بيان مقتضب، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ترقية اللواء محمد فريد حجازي إلى رتبة فريق، وتعيينه رئيساً لأركان الجيش المصري، خلفاً للفريق محمود حجازي، الذي عُيّن مستشاراً لرئيس الجمهورية للتخطيط الاستراتيجي والأزمات.
قرار إقالة الفريق محمود حجازي، الذي جاء بعد أقل من 48 ساعة على عودته من الولايات المتحدة، حيث شارك في اجتماع تنسيقي استضافه «البنتاغون»، وحضره عدد من قادة الأركان في الدول الحليفة، بما في ذلك إسرائيل، ترافق مع قرار منفصل، اتخذه وزير الداخلية، بإجراء تغييرات على مستوى القيادات الأمنية، شملت رئيس قطاع الأمن الوطني ومدير أمن الجيزة.
أسباب إقالة حجازي الذي شغل رئاسة أركان الجيش منذ شهر آذار عام 2014، والذي تربطه بالسيسي صلة نسب، لم توضحها الرئاسة المصرية، ولا القوات المسلحة، وهي لم تشمل قادة آخرين في الجيش المصري، كما جرت العادة. ولكن تزامنها مع قرار وزير الداخلية، يشي بترابط ما بين الخطوتين المنفصلتين في الظاهر، وبين العملية الأمنية التي شهدتها منطقة الواحات الصحراوية، الواقعة على بعد نحو 130 كيلومتراً جنوبي غربي القاهرة، والتي انتهت بمقتل العشرات من ضباط وعناصر العمليات الخاصة.
وكشفت أحداث الواحات عن ثغرات أمنية خطيرة، في ظل النمو المتصاعد لنشاطات الجماعات الجهادية، التي أخذت منذ فترة تنقل نشاطها من جبهة سيناء ــ حيث كان رئيس الأركان الجديد يتولى قيادة الجيش الميداني (2010 ــ 2012) ــ باتجاه وادي النيل، مع تزايد التهديدات والاختراقات الإرهابية عبر الحدود الليبية ــ المصرية غرباً.

يُتوقع إجراء حركة مناقلات واسعة في الأسابيع المقبلة تشمل ضباطاً آخرين
وبرغم هذا الترابط، إلا أنّ تكهنات سرت، في أكثر من اتجاه، بشأن وجود حالة غضب داخل الجيش المصري، وهو ما سعت القوات المسلحة إلى نفيه، بشكل غير مباشر، من خلال تدريب عسكري، شارك فيه السيسي ووزير الدفاع صدقي صبحي، إلى جانب رئيس الأركان الجديد، لرفع الكفاءة القتالية للقوات المسلحة في الفرقة (19) في الجيش الثالث الميداني. ولم يكن حضور السيسي التدريب الميداني مدرجاً على جدول أعمال الرئيس، الذي اعتاد تكريم أعضاء المجلس العسكري المحالين على التقاعد بالتعيين في مناصب مدنية شرفية.
وقال وزير الدفاع المصري، في كلمة ألقاها، خلال التدريبات العسكرية، إنّ الجيش المصري سيظل «الدرع الواقي لمصر الذى يحقق لها القوة والقدرة على الردع والحسم وحفظ الأمن والاستقرار والسلام»، مؤكداً التصدّي «بكل حسم، وردع محاولات نشر الفوضى على حدود مصر أو التخريب على أرضها».
في سياق آخر، استبعد وزير الداخلية في حركة تغييرات جديدة، كلاً من رئيس قطاع الأمن الوطني ومدير أمن الجيزة، اللذين تم نقلهما إلى مناصب شرفيّة، وسط ترجيحات باحتمال إقالتهما من منصبيهما الجديدين، في حركة التغييرات السنوية في منتصف العام المقبل، بعدما انتهت التحقيقات الأوّلية إلى «تقصيرهما في أعمالهما».
وأظهرت التحقيقات أنّ القياديين الأمنيين «لم يقوما بدورهما على الشكل الأمثل في جمع التحرّيات بالصورة السليمة ولا بالتخطيط لتنفيذ العملية بصورةٍ تضمن مواجهة المسلّحين بما يتناسب مع ما كان بحوزتهم من سلاح، فضلاً عن عجزهم عن توفير الإمدادات السريعة للقوات والتواصل معها، ما زاد من عدد القتلى».
وكانت قوات أمنية قد تحركت، يوم الجمعة 20 تشرين الأول الجاري، على خلفية معلومات وردت إليها بوجود مجموعات إرهابية تتخذ من موقع في منطقة الواحات، موطئ قدم للاختباء والتدريب. إلا أن القوات المصرية فوجئت عند وصولها بإطلاق ناري كثيف من أسلحة ثقيلة، تسبب في سقوط عدد من القتلى والمصابين، بحسب بيان وزارة الداخلية المصرية.
وتتواصل التحقيقات مع عدد من الضباط، إلى جانب مدير الأمن ورئيس قطاع الأمن الوطني، إذ يُتوقع إجراء حركة مناقلات واسعة خلال الأسابيع المقبلة، تشمل ضباطاً آخرين شاركوا في التخطيط للعملية الأمنية، التي انتهت التحقيقات الأولية فيها إلى تأكيد وجود «قصور شديد في التعامل معها، ونقص في التحرّيات المرتبطة بكميات السلاح وأنواعها، والتي كان يُتوقع أن تكون مع المسلحين القادمين من ليبيا».
واستبعد مصدر أمني، تحدث إلى «الأخبار»، إمكانية إحالة أي من الضباط إلى المحاكمة، مؤكداً أن الجزاءات ستكون إدارية، وأنه ستتم إحالة جميع من تتم إدانتهم إلى التقاعد.