في زحمة عمليات تحرير غرب الأنبار، خصّص نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، بعضاً من الوقت ليقابل الوفد الأجنبي والاطلاع على مجريات المؤتمر، في خطوة عكست حرص القائد الميداني البارز ابن الثلاثة والستين عاماً على خوض المعركة الإعلامية بالتوازي مع المعركة العسكرية.
ومن داخل منزل واقع على مسافة قصيرة من السفارة الكويتية في بغداد والسفارة الأميركية وسط «المنطقة الخضراء»، ردّ جمال آل إبراهيم، المعروف بأبو مهدي المهندس، المطلوب للقضاءين الكويتي والأميركي وللشرطة الدولية (الإنتربول) بتهمة تفجير السفارتين الأميركية والفرنسية في الكويت في كانون الأول من عام 1983، على أسئلة الإعلاميين والباحثين، الذين لم يترددوا في إبداء إعجابهم بقوة أجوبته وسرعتها، والثقة العالية بنفسه، والحنكة في انتقاء كلماته.
يؤكد أبو مهدي أن «الحشد الشعبي هو عراقي بامتياز»، ولكنه لا يتردد في إبراز الدور المحوري الذي لعبته إيران، التي «منذ اليوم الأول قامت بإمدادنا بالسلاح والذخيرة في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تقف موقف المتفرج، بل إن السفارة الأميركية في بغداد أعدّت العدة لإخلاء موظفيها وهُيِّئت الطائرات التي كانت ستقلهم إلى خارج البلاد عقب سقوط بغداد في يد داعش».
وأضاف أنه «في أول 6 أشهر من اندلاع الحرب ضد داعش، لم تحرك واشنطن ساكناً، وبعدها اتخذت موقفاً حذراً وخجولاً، في وقت كنا فيه نقاتل لتأمين سامراء وديالى ومناطق حزام بغداد»، مشبهاً التدخل المتأخر للولايات المتحدة كمن «يتبرع بالدم للمريض بعد موته».
وتعليقاً على اتهام طهران و«الحشد» بـ«الطائفية»، قدّم المهندس بعض الأمثلة التي تثبت عكس ذلك، قائلاً: «عندما كانت مدينة الضلوعية السنية محاصرة لم نجد إلا دعم إيران، وعندما كانت مدينة بلد الشيعية محاصرة... وعندما تعرض الإيزيدين للسبي في جبل سنجار لم نجد إلا دعم إيران، وذهبنا إلى المنطقة وأخلينا 300 ألف نازح... وكذلك عندما حوصر 300 ألف شخص في امرلي، خذلنا الجميع إلا إيران»، مذكراً كذلك بالدور الإيراني «في حماية أربيل من السقوط بعد أحداث الموصل في عام 2014... وقد اعترف مسعود البرزاني بذلك وشكر طهران حينها».
وفي ما يخص العلاقة مع الأكراد، أكّد المهندس أن «العلاقات عميقة وتمتد لثلاثة عقود»، متحدثاً بعاطفة كبيرة عن علاقته الشخصية بعدد كبير من القيادات الكردية، قائلاً: «حاربنا جنباً إلى جنب... أنا عايشت مأساة حلبجة وأحداث 1991 وعاينت المجازر التي ارتكبها نظام (الرئيس السابق) صدام (حسين)».
وحول عمليات كركوك، قال المهندس إن «التحرك العسكري جاء وفقاً لأوامر القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي) لفرض هيبة الدولة والدستور»، مؤكداً أنّ «من غير الممكن السماح لحزب واحد الاستيلاء على نفط كركوك ولا لشخص واحد اللعب بمقدرات وأموال الشعب».
وردّاً على سؤال «الأخبار» عن طبيعة العلاقة مع «حزب الله»، قال صديق القائد الشهيد مصطفى بدر الدين، إن لـ«حزب الله فضلاً كبيراً على الحشد الشعبي. فعلاقتنا بدأت في 1982، واستمرت حتى سقوط صدّام، وبعد 2003 في معركتنا ضد الاحتلال الأميركي، وإلى اليوم في حربنا ضد داعش»، مشيراً إلى أن صور شهداء قادة المقاومة معلقة على جدران منزله إلى جانب صور شهداء «الحشد الشعبي».
وعن علاقة بغداد بدمشق، رأى أنّه «على الرغم من مواقف الحكومة السورية السيئة تجاه العراق في حقبة معينة... وعلى الرغم من الضغوط الأميركية الهائلة... أخذت بغداد على عاتقها مساعدة دمشق في حربها ضد الإرهاب وفتحت المجال الجوي أمام طائرات الدعم الإيرانية».
كذلك استنكر المهندس «الحرب الإعلامية التي تشنها أدوات وأجهزة دولية ممولة بمليارات الدولارات على الحشد الشعبي»، مثمناً «دور الإعلام الحربي الذي حمل الكاميرا مع السلاح، وكان له نصيب من الشهداء والجرحى، وكذلك الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي الذين كان لهم تأثير إيجابي ومعنوي كبير في المعركة».
وفي هذا السياق، خاطب الوفد الأجنبي قائلاً: «نحن لا نحتاج إلى تلميع صورة الحشد... كل ما نريده هو نقل الصورة الحقيقية والإنسانية للحشد».